(س) وفي حديث عائشة «وعندي جاريتان تُغَنِّيَان بِغِنَاء بُعَاث» أي تنشدان الأشعار التي قيلت يوم بُعاث ، وهو حرب كانت بين الأنصار ، ولم ترد الغِنَاء المعروف بين أهل اللهو واللّعب. وقد رخّص عمر في غِنَاء الأعراب ، وهو صوت كالحداء.
وفي حديث عمر «أنّ غلاما لأناس فقراء قطع أذن غلام لأَغْنِيَاء ، فأتى أهله النبي صلىاللهعليهوسلم فلم يجعل عليه شيئا». قال الخطّابي : كان الغلام الجاني حرّا ، وكانت جنايته خطأ ، وكانت عاقلته فقراء فلا شيء عليهم لفقرهم.
ويشبه أن يكون الغلام المجنيّ عليه حرّا أيضا ، لأنه لو كان عبدا لم يكن لاعتذار أهل الجاني بالفقر معنى ، لأن العاقلة لا تحمل عبدا ، كما لا تحمل عمدا ولا اعترافا. فأمّا المملوك إذا جنى على عبد أو حرّ فجنايته في رقبته. وللفقهاء في استيفائها منه خلاف.
(ه) وفي حديث عثمان «أنّ عليّا بعث إليه بصحيفة فقال للرّسول : أَغْنِهَا عنّا» أي اصرفها وكفّها (١) كقوله تعالى : (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) أي يكفه ويكفيه. يقال : أَغْنِ عني شرك : أي اصرفه وكفّه. ومنه قوله تعالى (لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً).
ومنه حديث ابن مسعود «وأنا لا أُغْنِي لو كانت لي منعة» أي لو كان معي من يمنعنى لكفيت شرّهم وصرفتهم.
[ه] وفي حديث عليّ «ورجل سماه النّاس عالما ولم يَغْنَ في العلم يوما سالما» أي لم يلبث في العلم يوما تامّا ، من قولك : غَنِيتُ بالمكان أَغْنَى : إذا أقمت به.
(باب الغين مع الواو)
(غوث) في حديث هاجر أمّ إسماعيل «فهل عندك غَوَاث» الغَوَاث بالفتح كالغِيَاث بالكسر ، من الإِغَاثَة : الإعانة ، وقد أَغَاثَه يُغِيثُه. وقد روي بالضم والكسر ، وهما أكثر ما يجيء في الأصوات ، كالنّباح والنّداء ، والفتح فيها شاذّ.
__________________
(١) بهامش ا : «قال الكرمانى فى شرح البخارى : أرسل علىّ صحيفة فيها أحكام الصدقة ، فردها عثمان ، لأنه كان عنده ذلك العلم ، فلم يكن محتاجا إليها».