ومنه الحديث «فأنا آخذ (١) بحجزكم وأنتم تَفَلَّتُون من يدي» أي تَتَفَلَّتُون ، فحذف إحدى التاءين تخفيفا.
(ه) وفيه «أن رجلا قال له : إن أمّي افْتُلِتَتْ نفسُها» أي ماتت فجأة وأخذت نفسها فَلْتَة. يقال : افْتَلَتَهُ إذا استلبه. وافْتُلِتَ فلانٌ بكذا إذا فوجئ به قبل أن يستعدّ له.
ويروى بنصب النفس ورفعها ، فمعنى النّصب افْتَلَتَها الله نفسها. معدّى إلى مفعولين ، كما تقول : اختلسه الشيء واستلبه إيّاه ، ثم بني الفعل لما لم يسمّ فاعله ، فتحوّل المفعول الأوّل مضمرا وبقي الثاني منصوبا ، وتكون التاء الأخيرة ضمير الأم. أي افْتُلِتَتْ هي نفسها.
وأما الرّفع فيكون متعدّيا إلى مفعول واحد ، أقامه مقام الفاعل ، وتكون التاء للنفس : أي أخذت نفسها فَلْتَة.
ومنه الحديث «تدارسوا القرآن فلهو أشدّ تَفَلُّتاً من الإبل من عقلها» التَّفَلُّت والإِفْلَات والانْفِلَات : التّخلّص من الشيء فجأة من غير تمكّث.
(س) ومنه الحديث «إن عفريتا من الجن تَفَلَّتَ عليَّ البارحة» أي تعرّض لي في صلاتي فجأة.
(ه) ومنه حديث عمر «إن بيعة أبي بكر كانت فَلْتَة وقى الله شرّها» أراد بالفَلْتَة الفجأة. ومثل هذه البيعة جديرة بأن تكون مهيّجة للشّر والفتنة فعصم الله من ذلك ووقى. والفَلْتَة : كلّ شيء فعل من غير رويّة ، وإنما بودر بها خوف انتشار الأمر.
وقيل : أراد بالفَلْتَة الخلسة. أي إن الإمامة يوم السّقيفة مالت إلى تولّيها الأنفس ، ولذلك كثر فيها التّشاجر ، فما قلّدها أبو بكر إلا انتزاعا من الأيدي واختلاسا.
وقيل : الفَلْتَة آخر ليلة من الأشهر الحرم ، فيختلفون فيها أمن الحلّ هي أم من الحرم ، فيسارع الموتور إلى درك الثّأر ، فيكثر الفساد وتسفك الدّماء ، فشبّه أيّام النبي عليه الصلاة والسلام
__________________
(١) فى الأصل : «آخذ» بضم الخاء المعجمة ، وأثبتنا ضبط ا. قال الإمام النووى فى شرحه لمسلم (باب شفقته صلىاللهعليهوسلم من كتاب الفضائل) : روى بوجهين : أحدهما اسم فاعل ، بكسر الخاء وتنوين الذال. والثانى فعل مضارع ، بضم الذال بلا تنوين ، والأول أشهر ، وهما صحيحان.