الانْواءُ
* أبو حنيفة* ناءَ الكوكبُ نَوْأً وتَنْواءً ونَوْءُهُ ـ أولُ سُقوطٍ يُدْرِكه بالافُق بالغَداةِ قبل امِّحاق الكواكب بضوء الصُّبْح* قال* وقد تكلم علماء العربية فى تفسير النَّوْءِ فقال بعضُهم سمى نوءً الطُلُوع الرقيبِ لا لسُقوطِ الساقطِ وذهب الى أن النَّوْءَ فى اللغة النُّهوضُ ولو كان هذا هكذا لم تكن على العرب مؤنةٌ أن يَجْعَلُوا النائِىَ هو الطالِعُ وأن يتركوا السُّقوط وقيل النَّوْءُ السُّقُوطُ والمَيَلانُ ومنه قولُهم ما سَاءَك وناءَكَ ومعناه أناءَكَ فألْقَى الالفَ للاتباع فالنَّوْءُ على هذا التفسير من الاضداد ولو لم يكن النَّوْءُ الا النُّهوضَ لكان لقولهم ناءَ النجمُ وهُمْ يريدون سقط مَذْهَبٌ على طريق التفاؤلِ كأنهم كرهوا أن يقولوا سَقَط فأما من ذهب الى أن الكوكب يَنُوءُ ثم يَسْقُط فاذا سَقَط فقد تَقَضَّى نَوءُهُ ودَخَل نَوءُ الكوكبِ الذى بعده فان تأويلَ النوء فى قول هؤلاء هو التأويلُ المشهور الذى لا يُنازَعُ فيه لان الكوكبَ اذا سقط النجمُ الذى بين يديه أطَلَّ على السقوط وكان أشبهَ شئٍ حالاً بحالِ الناهضِ ولا نُهُوضَ به حتى يَسْقُطَ لان الفَلك يَجْتَرُّه الى الغَوْر فكانه مُتحامِلٌ بعِبْءٍ قد أثقله وغَلَبه فالنوءُ ما بيناه ويُجْمَعُ النَّوْءُ أنْواءً او نِواءًا وأما البَوارِحُ فقد زعم قوم ليس لهم باللغة علم أن البارِحَ ضِدُّ النَّوْءِ وأنه طُلُوعُ الرقيبِ فيقولون بَرِحَ الكوكبُ طَلَع وذلك غَلَطٌ وانما البَوارِحُ الرياح الصَّيْفية سميت بَوارحَ لانها فى السَّموم التى تأتى من الشَّمالِ وقيل البارح شِدَّةُ الريح فى البَرْدِ والسَّمُومُ وهو مذكر* قال* وبعضُ الانواء أغْزَرُ عندهم من بعض وأحْمَدُ فَنَوْءُ الشَّرَطَينِ (١) ثلاثُ ليالٍ وهو محمود مذكور ونَوءُ البُطَيْنِ كذلك الا أنه غير محمود ولا مذكور ونَوءُ الثُّريَّا خمسُ ليالٍ وقيل سبعٌ وهو محمود مشهور ونَوءُ الدَّبَرانِ ثلاثُ ليالٍ وقيل ليلةٌ وهو غير محمود ونَوءُ الهَقْعةِ ستُّ ليالٍ ولا يَذْكرون نَوءَها الا بِنَوْءِ الجَوْزاءِ والجوزاءُ مشهورةٌ بالنَّوْءِ مذكورةٌ والهَقْعةُ رأسُها ونوءُ الهَنْعةِ ثلاثُ ليالٍ وهى فى نَوء الجوزاءِ ولا تَكادُ تُفْردُ ونوءُ الذراعِ المقبوضة خمسُ ليالٍ وقيل ثلاثٌ وهو أوَّلُ نَوءِ الاسدِ وما بين الهَنْعةِ والغَفْرِ من الانْواء أسَدِيَّةٌ كلُّها ونوءُ الذراع محمودٌ عندهم ومن عادة العرب أن تذكر مع الذراع المقبوضةِ الذراعَ المبسوطةَ فتَجْمَعَهما مَعًا فى النَّوء وهما لا تَنُوآنِ معا
__________________
(١) قلت تحريك الراء من الشرطين في التثنية هو المسموع وقد صرح به المؤلف قبيل هذا ولم يتعقبه أحد وكتبه محققه محمد محمود لطف الله تعالى به آمين