أن تكون الدال كسرت وأريد بها مع ذلك النَّسَبُ الى الدُّرِّ جاز ذلك كما جازت التغييراتُ التى تَلْحَقُ المنسوبَ اليه وهو أكثر من أن يُحْصَى قلنا لا ينبغى أن تحمله على ذلك وعلى الخروج عن القياس ما وَجدتَ عنه مَنْدُوحةً لانك لا تحكم بخروج الكلمة عن أصلها الا بعد تَبَيُّنِ التغييرِ وتَيَقُّنِه وأنت لم نَتَبَيَّنْ ذلك ههنا فأما دَرِّىُّ بالفتح فلا يكون على تغيير النسب ألا ترى أنه ليس فى الكلام شئ على فَعِّيلٍ الا ما حكاه أبو زيد من أن بعضهم قال عليكم بالسَّكِّينةِ فى السَّكِينة وذلك نادر فاذا كان كذلك علمتَ أنه مثل قولهم فى الاضافة الى أُمَيَّة أَمَوِىُّ وليس فى قول أبى عمرو لم أسْمَعُ مُنْذُ خرجتُ من الخَنْدق الا دِرِّىّ ما يَنْفِى صحةَ ما حكيناه عن سيبويه لأن الكسر يثبت بحكايته والضم مع الهمز يثبت بحكاية سيبويه واثباتِ أبى الحسنِ الأخفشِ وغيرِه له وقولُ من زعم أن ذلك ليس فى كلامهم ما حكيناه غَلطٌ فما يُقَوِّى فُعِّيلةً فى كلامهم ويُثْبته قولُهم العُلِّية ألا ترى أنه من العُلُوِّ الا أن اللام انقلبت للياء الساكنة قبلها فان قال قائل فانه يكون فُعِّلِّية من مضاعف العين واللام قيل لا يسوغ هنا هذا لأن معنى العلوّ قائم فيه فلا يحمل باللفظ الى غيره مع وجود هذا المعنى فيه وهو قول أبى الحسن الاخفش* أبو حنيفة* صَبَأ النجمُ ـ خَرَجَ عليك من مَطْلَعِه وصَبأَتْ ثَنِيَّةُ الصَّبِىِّ تَصْبَأُ ـ طَلَعَتْ منه* ابن السكيت* صَبَأَ النجمُ وأصْبَأَ وأنشد
وأصْبَأَ النجمُ فى غَبْراءَ كاسِفةٍ ـ |
|
كأنه بائِسٌ مُحْتاشُ اخْلاقِ |
* أبو حنيفة* هَبَّ الكَوْكَبُ ـ طَلَع وأنشد
فلما اسْتدارَ الفَرْقَدانِ زَجَرْتُها |
|
وهَبَّ سِماكٌ ذُو سلاحٍ وأعْزَلُ |
* وقال* طَلَعَ الكوكبُ يَطْلُع طُلُوعا* صاحب العين* بَزَغَ النجمُ يَبْزُغُ بُزُوغًا ـ طَلَع وقد تقدم فى الشمس والقمر* وحكى ابن جنى* طَلَع الكَوْكَبُ حَرِيداً ـ أى مُنفَرِداً وقد حَردَ يَحْرِدُ حُرُوداً وأنشد لذى الرمة
يَعْتَسِفانِ الليلَ ذا السُّدُود |
|
أمًّا بكلِّ كَوْكَبٍ حَرِيدٍ (١) |
* قال* ومنه التَّحْرِيدُ فى الشِّعْر لأنه بُعْدٌ وخِلافٌ للنظير
__________________
(١) قلت قد أخطأ ابن سيده وابن جني إن صحت روايته عنه والجوهري في صحاحه وتبعهم صاحب لسان العرب فحرفوا صدر شعر ذي الرمة الأول فأفسدوا الرواية والمعنى إذ رووه يتعسفان الليل والليل لا يعتسف لكنه يدرع والعسف والاعتساف أصلهما للطريق والمكان المجهول كما قال ذو الرمة قد أعف النازح المجهول معسفه غي كل أخضر بدعو هامة اليوم والصواب أن الرواية يدرعان الليل اذا السدود والدليل على ما قلته ما قبله وما بعده عجبت من أخت بني لبيد وعجبت منى ومن مسعود ويروى قد عجبت أخت بني لبيد وهزئت منى ومن مسعود رأت غلامى سفر بعيد يدرعان الليل ذا السدود أما بكل كوكب حريد مثل ادراع اليلمق الجديد والأرجوزة تسعون شطرا وكتبه محققه محمد محمود لطف الله تعالى به آمين