كذلك ، وجب حصول الذوبان والانحلال في جميع الأجزاء البدنية ، وحينئذ يندفع هذا السؤال [ويتم هذا الاستدلال. والله أعلم (١)].
الحجة الثانية في المسألة : أن [نقول (٢)] : إن المشار إليه لكل أحد بقول «أنا» قد يكون معلوما له ، حال كونه غافلا عن جميع الأجزاء الظاهرة والباطنة. والمعلوم مغاير لغير المعلوم ، فوجب أن تكون النفس مغايرة لجميع هذه الأجزاء الظاهرة والباطنة.
أما المقام الأول : فالدليل عليه : أن الإنسان حال اهتمامه بالمهم الشديد ، قد يقول تفكرت وأبصرت وسمعت ، مع أنه يكون حال تكلمه بهذا الكلام غافلا عن وجهه ويده وقلبه ودماغه وسائر أعضائه. وذلك يدل على ما ذكرناه.
وأما المقام الثاني : وهو أن المغفول عنه ، مغاير للمعلوم. فهذا بديهي. وإلا لزم اجتماع النقيضين ، وهو محال. وحينئذ يظهر أن النفس غير هذا الجسد (٣).
فإن قيل : إن هذا الكلام عليه سؤالات :
السؤال الأول : لم لا يجوز أن يقال : المعتبر في كون الإنسان إنسانا [أجزاء مخصوصة في قلبه ، أو في دماغه. فأما أن يكون المعتبر في كونه إنسانا (٤)] هو قلبه مع شكله المخصوص ، أو دماغه مع شكله المخصوص ، فلا نقول به ، وإذا كان كذلك فلا جرم أمكنه أن يعرف نفسه حال كونه غافلا عن جميع الأعضاء كالقلب والدماغ [وغير هما (٥)]؟.
السؤال الثاني : إن هذا الدليل بعينه يبطل أن يكون الإنسان جوهرا
__________________
(١) من (ل ، طا).
(٢) من (م ، ط).
(٣) غنية عن هذا البدن (م).
(٤) سقط (ط).
(٥) من (م).