الكلي ، حتى يمكنه أن ينسب ذلك الكلي إلى ذلك الجزئي [تارة بالانحلال (١)] وتارة بالإيجاب ، وتارة بالسلب. فظهر بهذا البرهان الذي لا ريب فيه : أن الموصوف بجميع الإدراكات الكلية والجزئية ، وأن المتصرف فيها بالتحليل والتركيب ، يجب أن يكون شيئا واحدا. وهو المطلوب.
المقدمة الثانية في بيان أن ذلك الشيء الواحد ، الذي هو المدرك ، يجب أن يكون بعينه هو الفاعل لجميع الأفعال : والدليل عليه : أن الإنسان إنما يفعل بالقصد والاختيار. والفعل الاختياري معناه : أنه إذا اعتقد في الشيء ، أنه مشتمل على نفع خالص ، أو راجح. أوجب هذا الاعتقاد حصول رغبة في ذلك الفعل ، وإذا حصلت تلك الرغبة ، صار القادر فاعلا. وأما إذا اعتقد أن في الفعل الفلاني مفسدة خالصة أو راجحة ، أوجب ذلك الاعتقاد حصول نفرة عن ذلك الفعل [وإذا حصلت تلك النفرة ، صار القادر ممتنعا عن الفعل (٢)] وإذا ثبت هذا ، ثبت أن ذلك المدرك بعينه ، يجب أن يكون هو الموصوف بالرغبة تارة ، وبالنفرة أخرى ، إذ لو كان الموصوف بالرغبة والنفرة شيء مغاير لذلك المدرك لكانت هذه الرغبة والنفرة ، حاصلة لشيء خالي عن الإدراك والاعتقاد. وحينئذ يكون حصول تلك الرغبة ، وتلك النفرة ، لا لأجل ذلك الاعتقاد. وقد فرضناه معللا به. هذا خلف. وأيضا : فالراغب في الشيء أو النافر عنه ، قد أشار فهمه إلى ذلك الشيء المرغوب فيه أو المهروب منه [فثبت : أن المريد للفعل أو الترك ، يجب أن يكون هو بعينه مدركا لذلك الشيء (٣)] وظاهر أن الفاعل للفعل هو الذي أراد ذلك الفعل ، ولما ثبت أن الفاعل [هو بعينه ذلك الشيء ، الذي أراده ، وثبت : أن ذلك المريد هو بعينه الذي أدركه ، ثبت أن الفاعل هو بعينه ذلك المدرك. وهذا برهان قاطع على أن
__________________
(١) من (م).
(٢) سقط (م).
(٣) سقط (م).