الفاعل (١)] والمريد والمدرك : شيء واحد بعينه. وأن توزيع هذه الأحوال على هذه الذوات المتباينة : قول لا يليق بالعاقل البتة.
ومن العجائب جدا في هذا الباب : أن «جالينوس» قال : «القلب مبدأ الغضب والفرح والغم» ثم قال : «وليس في القلب قوة مدركة ، وإنما القوة المدركة حاصلة في الدماغ» وهذا القول لا يليق بالعاقل لأنه ما لم يحصل اعتقاد كون ذلك الشيء منافيا (٢) للمزاج ، امتنع صيرورته مغضوبا عليه ، وما لم يحصل اعتقاد أنه ملائم للمزاج امتنع حصول الفرح به. فالقول بأن القلب محل الغم والفرح والغضب. مع كونه خاليا عن الإدراك : قول لا يليق بالعاقل البتة. فثبت بما ذكرنا من البيان الظاهر الجلي القوي : أن المدرك لجميع أنواع الإدراكات ، وأن المريد والكاره ، وأن الفاعل والتارك ، يجب أن يكون شيئا واحدا.
المقدمة الثالثة في (٣) بيان أنه لما كان العالم القادر شيئا واحدا ، وجب أن يكون ذلك الشيء غير جسم وغير حال في الجسم :
والدليل عليه وجهان :
الأول : إنه لو كان جسما ، لكان ذلك الجسم. إما أن يكون مجموع هذا البدن ، أو جسما داخلا فيه ، أو داخلا في عضو من الأعضاء الموجودة فيه ، أو جسما خارجا عنه. والأقسام الثلاثة باطلة.
وإنما قلنا : إنه يمتنع (٤) أن يكون ذلك الجسم عبارة عن مجموع ذلك البدن ، لأنا نعلم بأن السمع والبصر والتخيل والتفكر والتذكر ، غير حاصل في
__________________
(١) سقط (م).
(٢) ملائما (م).
(٣) البيانات (م).
(٤) لا يجوز (م ، ط).