هذا هو الوجه الذي تكلفناه للقوم. وإن كنا ما رأينا للشيخ البتة ، في هذا الباب : كلاما.
واعلم أن هذه الحجة ضعيفة جدا من وجوه :
الأول : إن المراد من كونها نفوسا : كونها مدبرة لهذه الأبدان. والمراد من كونها ناطقة : كونها قابلة للعلوم الكلية ، والإدراكات المجردة العقلية. وهذا يقتضي اشتراك هذه النفوس في كونها مدبرة للأبدان [وفي كونها (١)] قابلة للعلوم. وقد ثبت : أنه لا يمتنع في العقول أن تكون الماهيات البسيطة المختلفة بحسب ذواتها المخصوصة ، تكون متساوية في بعض الآثار واللوازم. وعلى هذا التقدير فقد سقطت هذه الحجة.
السؤال الثاني : إن كونها مدبرة للأبدان ، وكونها قادرة على تدبير الأبدان : أحكام. إنما تحصل بعد تمام الماهية ، لأنه ما لم تتم ذاته ، امتنع أن يصير موصوفا بالقدرة على تدبير الأبدان ، وامتنع أن يصير موصوفا بكونه قابلا للعلوم الكلية ، والمعارف القدسية. فثبت بهذا البرهان : أن هذه المعاني : أمور خارجة عن الماهية ، وغير مقومة لها ، ولا داخلة فيها. وإذا كان كذلك ، لم يلزم من وقوع المشاركة فيها حصول المشاركة في جزء من الأجزاء المقومة للماهية.
السؤال الثالث : هب أن هذا يقتضي وقوع التركب في هذه الماهية ، إلا أن هذا النوع من التركب لا يقتضي الجسمية. ألا ترى أن السواد والبياض يتشاركان في اللونية ، ويتخالفان في بعض أجزاء الماهية ، فوجب أن تكون ماهية البياض والسواد مركبتين من الجنس والفصل ، ومع ذلك ، فلم يلزم من حصول هذا النوع من التركب ، كونهما جسمين : فكذا هاهنا. فثبت : أن هذه الحجة : ضعيفة [باطلة (٢)].
__________________
(١) من (ط).
(٢) سقط (طا ٢ ، ر ل).