الإرادية ، ولا يبطل منه حركة النبض. وإن شددت الشريانات ، بطل النبض ، ولم يبطل الحس والحركة.
السادس : إن العصب قد يمسك عن فعله كثيرا. والشريانات أفعالها دائمة. وهي النبض.
فثبت بهذه الوجوه : أن الشريانات [ليست من جنس الأعصاب.
والوجه الثاني في الجواب عن ذلك الكلام : قال «جالينوس» : إن أصل الشريان (١)] المتشعب من القلب ينقسم إلى قسمين :
قسم يصعد إلى جانب الرأس ، وقسم ينزل إلى أسفل البدن ، والقسم النازل إلى أسفل البدن ، لا شك أنه ينقسم ويتفرق إلى الشعب الصغار الدقاق ، ثم إنها بعد دقتها ، ما صارت أعصابا. فوجب أن يكون الحال كذلك في الشريانات الصاعدة إلى أعلى البدن.
هذا حاصل كلام «جالينوس» في إبطال قول «خروسيس» على ما ذكره في كتابه المسمى ب «آراء بقراط وأفلاطون» في أوراق كثيرة.
واعلم : أن هذين الجوابين عندي في غاية الضعف.
أما الجواب الأول : فبيان ضعفه : أن الصفات التي ذكرها «جالينوس» للشريانات: صفات حاصلة لها من وقت انشعابها عن القلب ، إلى وقت تشعبها إلى الأقسام الدقيقة ، ونفوذها في جوهر الدماغ.
فلم قلتم : إن هذه الصفات تبقى في تلك الشظايا الدقيقة بعد هذه الحالة؟ والدليل عليه : أن الروح الدماغي ، لا شك أنه كان متولدا في القلب ، ثم إنه تصاعد من القلب ، وبقي في النسيجة المتولدة تحت الدماغ مدة ، ثم إنه ينفذ في الدماغ ، فيحدث له حال كونه في الدماغ ، أحوال وصفات ، غير الأحوال والصفات التي كانت حاصلة ، حين كان في القلب.
__________________
(١) سقط (م) ، (ط).