وثانيها : إن بقاء الشيء أبد الآباد في العذاب الشديد ، أبعد في العقول من بقاء الشيء في العطلة مدة قليلة. ثم إنكم حكمتم بحصول الأول ، ومنعتم من الثاني وهو أيضا بعيد.
وثالثها : إنكم [إذا (١)] أردتم بهذه العطلة ، كونها خالية عن الآلام واللذات ، فليس الأمر كذلك ، لأن هذه النفوس التناسخية معها شيء كثير من العلوم والأخلاق ، وإن أردتم به كونها غير قادرة على تحصيل الزيادة ، فهذه العطلة لازمة على جميع التقديرات. لأن كل نفس وإن بلغت الغاية في المعارف والأخلاق ، [الفاضلة (٢)] فعند الموت تبقى عاجزة عن تحصيل الزيادة.
والاعتراض الثاني : لم لا يجوز أن يقال : عدد الهالكين يكون (٣) على قدر عدد الكائنين؟ وأما الطوفانات العامة. فالجواب عنها : إن عدد الحيوانات المتولدة في قعور البحور ، وشقوق الصخور ، وأعداد البق والبعوض غير معلومة. ومن الذي يمكنه إحصاء هذا العدد؟
وبالجملة : فذكر مثل هذا الدليل غير لائق بفضل الشيخ [الرئيس البتة (٤)].
الحجة الثالثة لمنكري التناسخ. وعليه تعويل الجمهور من المتكلمين :
قالوا : (٥) لو كانت نفوسنا مدبرة لأبدان أخرى قبل هذا البدن ، لعرفنا الآن تلك الحالة [وحيث (٦)] لم نعرفها. وجب القطع بأنها ما كانت موجودة. أما نقيض التالي : فظاهر. وإنما الشأن في إثبات الشرطية. فنقول : الدليل عليه هو أن تكرر الأفعال. سبب لحدوث الملكات الراسخة ، وهذا مشاهد
__________________
(١) من (ل ، طل).
(٢) يزيد (م).
(٣) سقط
(٤) سقط (ط).
(٥) أن نقول (ل ، طا).
(٦) ولم نعرفها [الأصل].