الحجة الثانية : لما كان المدبر لهذا الجسد ، والمتولي لإصلاح حاله هو النفس ، ومن المعلوم أن النفس إنما تتولى ذلك بسبب كونها حية عالمة قادرة ، فحينئذ يتوقف صلاح هذا الجسد على كون النفس موصوفة [بالحياة والعلم والقدرة. فلو كانت النفس موصوفة (١)] بهذه الصفات [وهذه الصفات (٢)] موقوفة على صلاح حال البدن ، لزم توقف كل واحد منهما على الآخر (٣) وذلك دور. والدور باطل.
ومثاله : إنه لما كان حدوث العالم ، وصلاح حاله موقوفا على كون الإله (٤) حيا عالما قادرا ، امتنع أن يكون حصول هذه الصفات للإله ، موقوفا على صلاح هذا (٥) العالم ، وإلا لزم الدور. فكذا هاهنا. فإن النفس لا تعلق لها بالبدن ، إلا تعلقا شبيها بتعلق الإله بالعالم. وذلك من أظهر الدلائل على أن النفس لا تموت [بموت البدن ، ولا يفسد شيء من صفاتها بفساد البدن (٦)].
الحجة الثالثة : إنه (٧) لو ماتت النفس بموت البدن ، لضعفت بضعف البدن ، وهي [لما كانت (٨)] لا تضعف بضعفه ، وجب أن لا تموت بموت البدن. أما بيان الشرطية : فبالاستقرار الظاهر. فإنه متى وقع الخلل في الأصل ، لزم منه وقوع الخلل في الفرع. ثم نقول : إن الدليل عليه (٩) : إن كل شيء يفسد بفساد غيره ، فإنه يكون محتاجا في ذاته إلى ذلك الغير (١٠) إذ كل
__________________
(١) سقط (ل).
(٢) زيادة.
(٣) الأجزاء (ل).
(٤) الله (طا ، ل).
(٥) حال (م).
(٦) سقط (طا).
(٧) لو كانت النفس تموت (م).
(٨) من (ط).
(٩) على (م).
(١٠) عبارة (ل) هكذا : ثم نقول : الدليل عليه : أن كل ما فسد بفساد غيره ، فإنه يكون محتاجا في ذاته إلى ذلك الغير ، وكل شيء احتاج إلى شيء آخر ، فضعف المحتاج إليه ، يوجب ضعف المحتاج. إذ لو بقي بحال المحتاج حال نقصان المحتاج إليه ، لكانت ... إلخ.