ذلك الفعل بحاله. ضرورة أنه لم يلزم من دوام المؤثر ، دوام ذلك الأثر ، لكن بقاء تلك الإرادة بحالها ، أمر ممكن. وإلا لانتهت تلك الإرادة إلى وقت ، يمتنع بقاؤها. فيلزم انتقالها من الإمكان الذاتي ، إلى الامتناع الذاتي. وهو محال. فثبت : أن بقاء تلك الإرادة ممكن. وثبت : أنه يلزم من بقائها بقاء ذلك الأثر ، والموقوف على الممكن. ممكن. فيلزم القطع بأن بقاء الفعل الاختياري على حالة واحدة : ممكن من غير تغير وتبدل. وهو المطلوب.
والوجه الرابع في الجواب : ما ذكره «بطليموس» في كتاب «الثمرة» فقال : «إن المختار إذا طلب الأفضل ، لم يبق بينه وبين الطبيعة فرق» وتفسيره : إن الأفضل [في كل شيء لا يكون إلا واحدا. فإذا كان الفاعل المختار حكيما وطلب الأفضل (١)] لم يجد إلا ذلك الواحد فلا جرم وجب بقاؤه على ذلك الفعل. وذلك يمنع من وقع التغير في فعل الفاعل الحكيم.
والجواب عن الحجة الثانية : أن نقول : قد بينا في الطبيعيات : أن أجرام الأفلاك والكواكب غير موصوفة بالحرارة والبرودة. ولا يلزم من خلوها في ذاتها عن الحرارة والبرودة. أن لا تكون في التسخين والتبريد مؤثرة. ألا ترى أن الحركة توجب السخونة ، مع أن اتصافها بالسخونة محال. والغضب الشديد يوجب السخونة ، مع أن اتصاف الصفة المسماة [بالغضب (٢)] بالسخونة محال.
والوجه الثاني في الجواب : [أن نقول (٣)] هب أنها موصوفة بالسخونة الشديدة. فلم قلتم : إن ذلك يمنع قبول الحياة؟ فإنا نشاهد أن السمندر يتكون في النار ، والنعامة تبتلع الحديدة المحماة. وأمثال هذه الدلائل ، لو لا أنه ذكرها بعض الناس ، وإلا لكان يجب على العاقل أن لا يلتفت إليها.
__________________
(١) سقط (م) ، (ط).
(٢) سقط (ل).
(٣) سقط (ل).