وأما الوجه الثاني وهو قوله : «القصد الكلي باق. والباقي لا يكون علة للمتغير».
فنقول : لا نسلم أن القصد الكلي باق. وهذا السؤال ذكره الشيخ فقال : «لم لا يجوز أن يكون مبدأ هذه الحركة المتعاقبة : إرادات كليه متعاقبة ، وتصورات كلية متعاقبة؟ مثلا : إنه يريد الانتقال من أحد الحدين إلى الثاني [ومن الثاني إلى الثالث وهكذا ، حتى تتم الدائرة. وكونه مريدا للانتقال من أحد الحدين إلى الثاني (١)] إرادة كلية.
والجواب الصحيح عن هذا السؤال عندي : أن يقال : إنه لا يخلو إما أن يريد الانتقال من هذا الحد إلى ذلك الحد ، أو يريد الانتقال من حد إلى حد من غير تعيين ذلك الحد. فإن كان الأول ، كانت تلك الإرادة جزئية. وكان ذلك التصور جزئيا. وهو المطلوب.
وإن كان الثاني : فالقصد إلى الانتقال من مطلق الحد إلى مطلق الحد الآخر ، لا يقتضي أن يكون ذلك الانتقال واقعا من هذا الحد بعينه ، إلى ذلك الحد الآخر بعينه. لأن الانتقال من «الحمل» إلى «الثور» يصدق عليه أنه انتقال من حد إلى حد ، والانتقال من «الثور» إلى «الحمل» يصدق عليه أيضا : ذلك المفهوم. وكذا الانتقال من نقطة «الحمل» إلى جانب الشمال تارة ، وإلى جانب الجنوب أخرى. كل ذلك انتقال من حد إلى حد. فثبت : أن إرادة الانتقال من حد إلى حد ، نسبتها إلى جميع الحركات على السوية. ومتى كان الأمر كذلك ، امتنع أن تصير تلك الإرادة ، سببا لتعين البعض دون البعض. فثبت : أن هذا السؤال مدفوع. لأنه يتوجه عليه الأسئلة الثلاثة ، التي أوردناها على الوجه الأول. فظهر بهذا البيان : أن هذا الكلام ضعيف جدا.
السؤال الثاني : سلمنا : أن المباشر لتحريك جسم السماء ، يجب أن يكون صاحب الإرادات (٢) الجزئية. وسلمنا : أن صاحب الإرادات الجزئية
__________________
(١) من (طا ، ل).
(٢) الإرادة (ل).