بالقصد الثاني ، على جهة الاستتباع ، وذلك لا نزاع فيه».
واعلم : أن هذا الكلام يحمل (١) على أنه ليس المراد من التشبه بالمبدإ الأول هو أنه يحاول أن يجعل نفسه مثل ذات واجب الوجود ، فإن ذلك محال. بل المراد : أنه يسعى في أن يحصل لنفسه ما يليق به من صفات الكمال والجلال. إذا عرفت هذا فنقول : الفلك لا يمكنه أن يتشبه بالمبدإ الأول في عدم القصد ، إلا أنه يمكنه (٢) أن يتشبه به في كونه مبدأ لفيضان الخيرات على المحتاجين. ولا يلزم من امتناع التشبه به في بعض الصفات ، امتناع التشبه به ، فيما يمكن. فظهر : أن هذه الكلمات (٣) : فاسدة [والله أعلم (٤)].
المسألة السادسة في ترتيب الأقوال (٥) المذكورة ، ونظمها على تقسيم صحيح معلوم :
اعلم : أنه ثبت أن الفلك متحرك بالإرادة. فهذا الفلك إما أن يكون له في هذا الفعل غرض ، وإما أن لا يكون. أما القسم الثاني وهو أنه ليس له فيه غرض. فهذا قد سبق الكلام فيه. فثبت القسم الأول. فنقول : ذلك الغرض إما أن يكون هو العناية بالسافلات ، وإما أن يكون استفادة الكمال من الأسباب العالية. والأول باطل. لما ثبت أنه لا يجوز أن تكون حركاتها لأجل العناية بالسافلات. فثبت : أن حركته لأجل استفادة الكمالات من الأسباب العالية. فنقول : تلك الكمالات إما أن تكون عائدة إلى جسم الفلك ، أو إلى نفس الفلك.
أما القسم الأول : فهو قول من يقول : المقصود من الحركة الفلكية استخراج الأيون والأوضاع من القوة إلى الفعل. وقد سبق إبطاله ، فبقي
__________________
(١) مختل (م) محتمل (ط).
(٢) لا يمكنه (م).
(٣) هذا الكلام (ل).
(٤) من (طا ، ل).
(٥) الأفعال (م).