الخلاء معا في الرتبة. والعلة متقدمة [على المعلول (١)] بالرتبة. فلو كان الحاوي علة للمحوى ، لكان متقدما عليه بالرتبة لكن وجود الحاوي متقدما على عدم الخلاء بالرتبة. وهذا محال. لأن الخلاء ممتنع لذاته. والحكم الثابت بالذات لا يمكن أن يتقدمه غيره. فثبت : أن الحاوي لا يمكن أن يكون علة للمحوى [وأما أن المحوى لا يمكن أن يكون علة للحاوي (٢)] فهو بعيد. هكذا قاله الشيخ. ولا أدري أي بعد فيه. فإن القلب وإن كان داخلا في البدن ، إلا أنه هو المدبر لكل البدن. فثبت : أن الأجسام الفلكية ليس شيء منها علة للباقي (٣) فوجب أن يكون عللها شيئا غير الأجسام ، ويمتنع أن يكون هو الله سبحانه وتعالى. لأن الواحد لا يكون علة إلا للواحد ، فلا بد من الإقرار بوجود الجواهر العقلية. وهو المطلوب.
ولقائل أن يقول : هذه الحجة مبنية على مقدمات :
الأولى : إن الخلاء ممتنع لذاته والكلام فيه قد تقدم.
والثانية : أنا نقول : هب أن الفلك المحوي ، ليس معلولا للفلك الحاوي. إلا أنه معلول للعقل الذي هو مع الفلك الحاوي. فإذا كان الفلك المحوي متأخرا [بالرتبة عن العقل الذي هو مع الفلك الحاوي ، وجب أن يكون متأخرا (٤)] عن الفلك الحاوي. لأن المتأخر عن المعلول (٥) متأخر.
فإن زعموا : أن المتأخر عن المعلول (٦) لا يجب أن يكون متأخرا بالرتبة.
فنقول : لم لا يجوز أن يقال : إن وجود المحوي وعدم الخلاء معا. ولا يلزم من كون المحوي متأخرا بالرتبة عن الحاوي ، أن يكون عدم الخلاء متأخرا
__________________
(١) سقط (طا).
(٢) سقط (م) ، (ط).
(٣) للثاني (م).
(٤) من (طا ، ل).
(٥) المنع (م).
(٦) الممتنع (م).