بالرتبة عن الحاوي. فإنا لا نجد في العقل تفاوتا بين البابين؟
والعجب من الشيخ : أنه بعد ما أطنب في تقرير هذه الحجة في كتاب «الإشارات» وأورد عليه الأسئلة الكثيرة ، لم يورد عليه هذا السؤال الظاهر ، القريب من جميع الأفهام (١) السليمة.
والثالثة : قوله : «المحوي لا يمكن أن يكون علة للحاوي» هو ضعيف. لما بينا أن القلب محوي البدن مع أنه هو المدبر له. فلم لا يجوز أن يكون الأمر هاهنا كذلك؟.
والرابعة : إن هذا الدليل لا يتم في [آخر الأمر (٢)] إلا بالبناء على أن الواحد لا يصدر عنه إلا الواحد. وفيه ما قد سبق تقريره.
الحجة الثامنة : قالوا : الجسم يمتنع أن يكون علة للجسم. قالوا : لأن الجسم مركب من الهيولى والصورة. فلو كان جسم علة لجسم ، لكان إما أن يكون له بهيولاه أو بصورته. ويمتنع أن يكون علة له بهيولاه. لأن الهيولى قابل. والشيء الواحد لا يكون قابلا وفاعلا معا. ويمتنع أن يكون علة لذلك المعلول ، بحسب صورته. لوجهين :
الأول : إن تأثير تلك الصورة في ذلك المعلول. إما أن يكون بمشاركة من هيولاها ، أو لا بمشاركة من [هيولاها (٣)] والأول باطل. وإلا لحصل للهيولى [تأثر بنوع ما (٤)] فيعود الأمر إلى ما ذكرناه من كون الشيء الواحد قابلا وفاعلا معا. وهو محال. والثاني باطل. لأن الصورة لو كانت غنية في فعلها عن الهيولى ، لكانت غنية في ذاتها عن الهيولى. لأن الموجودية فرع على الموجودية.
__________________
(١) الأذهان (م).
(٢) هذا اللزوم (م).
(٣) هذا الهيولي (م).
(٤) تأثير (ل).