ذلك. والإتيان بالطاعة ، مع قيام المانع ، أشق من الإتيان [بالطاعة (١)] مع السلامة عن المانع.
وبيان الثاني : إن زيادة المشقة إن لم تصر مقابلة لزيادة الثواب ، صار ذلك السعي ضائعا. وإنه لا يليق بالحكيم الرحيم.
الحجة الثالثة : إنه تعالى خلق للملائكة عقولا بلا شهوة ، وللبهائم والسباع شهوات بلا عقل ، وخلق للآدمي العقل والشهوة معا. فإن مال الآدمي إلى الشهوة ، كان أخس من البهائم. لقوله تعالى : (أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُ) (٢) فوجب أن يقال : إنه إن مال إلى العقل والطاعة ، وجب أن يكون أفضل من الملك ، قياسا لأحد الجانبين على الآخر.
هذا آخر (٣) دلائل القوم في هذه المسألة.
والجواب عن الحجة الأولى : إنا لا نسلم أن ملائكة السموات ، كانوا مأمورين بالسجود لآدم عليهالسلام. وغاية ما في هذا الباب : أنكم تتمسكون بعموم قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ : اسْجُدُوا لِآدَمَ) (٤) إلا أنا نقول : تخصيص عموم القرآن بنص القرآن جائز بإجماع العقلاء. وقد قال تعالى في آخر سورة الأعراف : (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ ، وَيُسَبِّحُونَهُ ، وَلَهُ يَسْجُدُونَ) (٥) وعلماء العربية يعلمون أن قوله : (وَلَهُ يَسْجُدُونَ) يفيد الحصر. ومعناه : أنهم لا يسجدون إلا لله.
وأما الوجه الثاني : وهو التمسك بلفظ «الخليفة» فجوابه : إنه كان خليفة الله تعالى في الأرض. فمن أين يدل هذا على أنه أفضل من سلاطين عالم
__________________
(١) بها (ل).
(٢) الأعراف ١٧٩.
(٣) أحسن (طا ، ل).
(٤) البقرة ٣٤.
(٥) الأعراف ٢٠٦.