السموات؟ مع أنه ثبت في العلوم الرياضية : أن الأرض بالنسبة للسماوات كالعدم.
وأما الوجه الثالث : وهو أن آدم ـ عليهالسلام ـ كان أعلم من الملائكة فنقول : مسلم أنه كان أعلم من الملائكة الأرضية. فلم قلتم إنه كان أعلم من الملائكة السماوية؟ وسنقيم البرهان اليقيني (١) على أن ذلك محال.
وأما الوجه الرابع : وهو قوله : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ. وَنُوحاً. وَآلَ إِبْراهِيمَ. وَآلَ عِمْرانَ. عَلَى الْعالَمِينَ) (٢) فنقول : يجب حمل لفظ «العالمين» على أهل الأرض ، توفيقا بين هذه الآية وبين دلائلنا.
وأما قوله : «إن عباداتهم أشق ، فيجب أن يكونوا أفضل» فنقول مثل هذا الكلام: مثل ما إذا قيل : إن الخباز والقصاب : تحصيلهم للقوت واللباس أشق ، فوجب أن يكونوا أفضل من سلاطين المشرق والمغرب. ولما كان هذا الكلام لا يلتفت إليه العاقل. فكذا هاهنا.
وأيضا : فلو فرضنا رجلا شديد الاستعداد لحصول المرض ، بحيث يقع بأدنى سبب في الأمراض الشديدة. ورجلا آخر ، خلق على أكمل أنواع الصحة ، وأفضل أقسام الجمال [فهل نقول : هما فاضلان (٣)] إلا أن الأول أفضل من الثاني ، في الصحة والجمال. لأنه إنما يحفظ صحته بتعب شديد ، وهذا ليس كذلك؟ ولما كان هذا الكلام باطلا ، فكذلك هاهنا.
وأما قوله : «الانسان إذا مال إلى الشهوة ، كان أخس من البهيمة [فكذلك إذا مال : إلى جانب العقل ، كان أفضل من الملك» فنقول : أما قوله : [إذا مال إلى جانب الشهوة ، صار أخس من البهيمة (٤)] فهذا باطل. وعموم الآية على المبالغة في الزجر [والله أعلم (٥)].
__________________
(١) الدلالة النقلية (م).
(٢) آل عمران ٣٣.
(٣) فنقول فضولي [الأصل].
(٤) من (طا ، ل).
(٥) من (طا ، ل).