الخلائق (١)) وحينئذ لا يبقى لقوله : (عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً) فائدة بل كان يجب أن يقال : وفضلناهم على جميع المخلوقات.
الحجة الحادية عشرة : الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ ما استغفروا لأحد ، إلا وبدءوا بالاستغفار لأنفسهم ، ثم بعد ذلك لغيرهم من المؤمنين. قال آدم وزوجه : (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا) (٢) وقال نوح : (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً) (٣) وقال إبراهيم : (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَ) (٤) وقال : (رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) (٥) [وقال موسى : (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي) (٦) وقال الله لمحمد : (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ، وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) (٧)] وأما الملائكة فإنهم لم يستغفروا [لأنفسهم. ولكنهم طلبوا المغفرة (٨)] للمؤمنين من البشر ، بدليل قوله تعالى حكاية عنهم : (فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ. وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) (٩) ولو كانوا محتاجين إلى الاستغفار لبدءوا في ذلك بأنفسهم لأن دفع الضرر عن النفس [واجب (١٠)] ومقدم على دفع الضرر عن الغير. قال عليهالسلام : «ابدأ بنفسك ثم بمن تعول».
الحجة الثانية عشرة : قوله تعالى : (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ. كِراماً كاتِبِينَ) (١١) وهذا عام في حق المكلفين من بني آدم ، فدخل فيه الأنبياء وغيرهم. وهذا يقتضي كونهم أفضل من البشر من وجهين :
الأول : إن الذي يحفظ غيره عن المعصية ، يجب أن يكون بعده عن المعصية أكمل من بعد المحفوظ.
والثاني : إنه تعالى جعل كتابتهم حجة للبشر في الطاعات ، وعليهم في
__________________
(١) الملائكة (م).
(٢) الأعراف ٢٣.
(٣) نوح ٢٨.
(٤) إبراهيم ٤١.
(٥) الشعراء ٨٣.
(٦) الأعراف ١٥١.
(٧) محمد ١٩.
(٨) من (طا ، ل).
(٩) غافر ٧.
(١٠) سقط (ل).
(١١) الانفطار ١٠ ـ ١١.