وحديثين صحيحين آخرين رواهما الشيخان في سياق وقعة الخندق أو الأحزاب جاء في أحدهما عن أنس : «أن النبي صلىاللهعليهوسلم خرج إلى الخندق فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم فلمّا رأى ما بهم من النّصب والجوع قال :
اللهمّ إنّ العيش عيش الآخره |
|
فاغفر للأنصار والمهاجرة» (١) |
وجاء في ثانيهما للبراء : «إنّ النبي صلىاللهعليهوسلم كان ينقل معنا التراب ولقد وارى التراب بياض بطنه وهو يقول :
والله لولا الله ما اهتدينا |
|
ولا تصدّقنا ولا صلّينا |
فأنزلن سكينة علينا |
|
وثبّت الأقدام إن لاقينا |
إن الألى قد بغوا علينا |
|
إذا أرادوا فتنة أبينا |
ورفع بها صوته : أبينا ... أبينا» (٢).
وإن كتب السيرة القديمة روت أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يرتجز يوم حنين وهو على بغلته قائلا :
أنا النبيّ لا كذب |
|
أنا ابن عبد المطّلب (٣) |
وإن ابن كثير روى في سياق الآيات التي نحن في صددها حديثا جاء فيه :
«أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم جرحت يده فقال :
هل أنت إلّا إصبع دميت |
|
وفي سبيل الله ما لقيت |
وكل هذا شعر موزون على نمط الشعر العربي المتواتر.
والذي يتبادر لنا أنه لا منافاة بين أن يتمثّل النبي صلىاللهعليهوسلم ببعض الشعر بوزنه
__________________
(١) التاج ج ٤ ص ٣٧٤ ـ ٣٧٥.
(٢) انظر المصدر نفسه.
(٣) طبقات ابن سعد ج ٣ ص ٢٠١.