وبينت السورة أهداف القتال في الإسلام. وهذه الأهداف تنحصر في رد العدوان وإشاعة الأمن والاستقرار ، وحماية الدعوة ، والقضاء على الفتن التي يثيرها أرباب المطامع والأهواء. ومن ذلك نعلم أن الإسلام ، حينما شرع القتال ، نأى به عن جوانح الطمع والاستئثار ، وإذلال الضعفاء ، واتخذه طريقا إلى السلام العام بتركيز الحياة على موازين العدل والمساواة. وليصل المسلمون بالقتال إلى الغاية السامية التي أمر بها الله ، لفت القرآن أنظار المؤمنين إلى أن للنصر أسبابا ووسائل هي :
١ ـ تقوية الروح المعنوية للأمة : فقد نزل القرآن روحا وحياة ومنهجا ورسالة ، وتحول العرب بالقرآن إلى أمة عزيزة ، متمسكة بالحق ، ثابتة عليه ، متحملة صنوف الأذى وألوان الاضطهاد. فلما أذن الله لها بالجهاد كانت لها راية النصر في أكثر معاركها ، لأن لها ، من يقينها وإيمانها ، ما يكفل لها النصر والغلبة.
٢ ـ إعداد القوة المادية وتنظيمها ، قال تعالى :
(وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) [الأنفال / ٦٠].
ويشمل ذلك فنون الحرب وأساليبها ، ومعرفة أحدث أدواتها ، وكيفية استعمالها.
٣ ـ الشكر على النعماء ثقة بأن النصر من عند الله ، فينبغي ألّا تأخذ المحارب نشوة النصر ، فيخرج عن اتزانه ، بل عليه أن يزداد تواضعا وخشوعا لعظمة الله ، ويزيد في طاعة الله ونصره ، لقوله سبحانه :
(إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ) [محمد / ٧].
٤ ـ الصبر على البأساء ثقة والتزاما بأن مع اليوم غدا ، وبأن الأيام دول : يوم لك ويوم عليك ، وأن الشجاعة صبر ساعة وليس الصبر هنا صبر الذليل المستكين ، بل صبر المطمئن إلى قضاء الله وقدره ، والمؤمن بحكمته ، والمستعد ليوم آخر ينتصف فيه من عدوه. قال تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٢٠٠) [آل عمران].
٥ ـ ومن أسباب النصر ثقة المؤمن بأن الأجل محدود ، وأن الرزق محدود. فالشجاعة لا تنقص العمر ، والجبن لا يزيده. ومن أسباب النصر