لهم. ولو أنهم تدبروا في ما يظهره القرآن من خفاياهم لعلموا أنه من عند الله ، لأن ما يظهره منها لا يختلف عما في ضمائرهم ، ولا يعلم الغيب إلا الله تعالى ، ثم ذكر أنهم ، إذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف ، أذاعوه وزادوا فيه ليربكوا المسلمين بإرجافاتهم ، ويخفوا أمره عليهم.
ثم أمر النبي (ص) أن يقاتل في سبيله ويدع أولئك المنافقين ، وأن يحرّض المؤمنين على القتال ، لأنه بهذا يشفع شفاعة حسنة ، ومن يشفع شفاعة حسنة ، يكن له نصيب منها ، ومن يشفع شفاعة سيئة ، كالمنافقين المثبطين ، يكن له كفل منها ، ثم أمرهم إذا قابلهم أعداؤهم بالسلام أن يقابلوهم بأحسن منه ، لأنه لا يأمرهم إلا بقتال من يقاتلهم.
ثم لا مهم على اختلافهم في قوم ، من أولئك المنافقين بمكة ، كانوا يعينون المشركين على المسلمين ، فقال بعضهم إنهم مسلمون يحرّم قتلهم ، وقال بعضهم إنهم كفار يجوز قتلهم ؛ فذكر لهم أنه ما كان لهم أن يختلفوا فيهم وقد أركسهم بما كسبوا ، وردّهم إلى أحكام الكفار من الذل والصّغار والسّبي والقتل ، ونهاهم أن يتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا من مكة إليهم ، فإن تولّوا عن الهجرة ، فحكمهم حكم المشركين من أهل مكة ، ثم استثنى منهم فريقين : أولهما قوم دخلوا في عهد من كان داخلا في عهد المسلمين ، وثانيهما قوم ضاقت صدورهم عن القتال ، فلا يريدون قتال المسلمين ولا قتال قومهم. ثم ذكّر قوما آخرين من غطفان كانوا إذا أتوا المدينة أسلموا ليأمنوا المسلمين ، وإذا رجعوا إلى قومهم كفروا ليأمنوهم ، فأمرهم بقتالهم إن لم يعتزلوهم ويسالموهم ويتركوا مظاهرة قومهم عليهم.
ثم ذكر أنه لا يصح لمؤمن أن يقتل مؤمنا في الحرب إلا خطأ ، بأن يرى عليه شعار الكفار فيظنّه مشركا ، وقد أوجب فيه الدّية إلى أهله إلا أن يصّدّقوا ، ثم ذكر حكم المؤمن المقتول خطأ إذا كان في دار الحرب ، وحكم المؤمن المقتول خطأ إذا كان بين أهل العهد ، ثم ختم ذلك بما ذكره من الوعيد الشديد على قتله عمدا ، تأكيدا لما ذكره من أنه لا يصحّ قتله إلا خطأ.
ثم أمرهم أن يتبينوا حال الكفار قبل