تاب من نفاقه وأخلص دينه له ، لأنه لا حاجة له في عذاب أحد ، وإنما يعذب الناس ليحملهم على التوبة من ذنوبهم ، ثم ذكر أنه لا يحب الجهر بالسوء من القول كما يفعل أولئك المنافقون ، وأباح لمن ظلم أن يجهر بما وقع عليه من الظلم ، ولمن يأتي بخير أن يظهره أو يخفيه ، وفضّل لمن ظلم أن يعفو عمن ظلمه.
ثم انتقل إلى اليهود فحكم بكفرهم لأنهم يريدون أن يؤمنوا ببعض كتبه ورسله دون بعض ، ثم أوعدهم على ذلك عذابا مهينا ، ووعد الذين يؤمنون بسائر الرسل بأنه سوف يؤتيهم أجورهم يوم القيامة ، ثم ذكر من تعنّتهم على النبي (ص) أنهم سألوه أن ينزل عليهم كتابا من السماء يعاينونه حين ينزل ، وأن تعنّتهم على موسى أكبر من ذلك ، فطلبوا منه أن يريهم الله جهرة ، وعبدوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات ، إلى غير هذا من تعنتهم وعنادهم. ثم ذكر أنهم تعنتوا على مريم ونسبوها إلى الزنى ، وأنهم تعنتوا على المسيح وزعموا أنهم قتلوه ، وذكر أنهم لم يقتلوه يقينا بل رفعه إليه ، وأنه لا يموت بعد رفعه حتى يؤمن به من كذبه منهم ، ثم ذكر أنه جازاهم على تعنتهم بتشديده عليهم في الدنيا ، فحرّم عليهم بعض ما أحلّ لهم من الطيبات ، وأعدّ في الآخرة للكافرين منهم عذابا أليما. ثم استدرك على ذلك بأن الراسخين في العلم منهم لا يتعنتون على النبي (ص) ، بل يعلمون أنه النبي المبشّر به ، ويؤمنون به وبما أنزل إليه وما أنزل من قبله ، ثم ذكر أنه أوحى إلى النبي (ص) كما أوحي إلى الأنبياء من قبله ، وأنهم إذا لم يشهدوا بذلك فإنه يشهد به هو والملائكة ، ثم أوعدهم على كفرهم وتعنّتهم بما أوعدهم به ، وختم الكلام معهم بدعوتهم الى الإيمان بما جاءهم من الحق ، لأنه خير لهم من كفرهم وتعنتهم.
ثم انتقل إلى النصارى فنهاهم عن الغلوّ في دينهم بتعظيم المسيح إلى مرتبة الألوهية ، وذكر أنه إنما هو رسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه. ثم أمرهم أن يؤمنوا به وحده ويتركوا عقيدة التثليث ، ونفى أن يكون له ولد كما يزعمون ، وذكر أن المسيح والملائكة المقربين لن يستنكفوا أن يكونوا عبيدا له ، وأوعد من يستنكف