في ذلك ، وهو أنهم يتخذون دينهم هزوا ولعبا ، ويستهزئون بصلاتهم عند قيامهم بها ، ثم أمر النبي (ص) أن يخبر أهل الكتاب بأنهم لا ينقمون منهم إلا أنهم يؤمنون بسائر الكتب المنزلة ، وأن أكثرهم فاسقون ، وأن يخبرهم بأن هناك من هو شرّ مثوبة عند الله ممن يظنونهم كذلك ويستهزئون بهم ، وهو من لعنه الله وجعل منهم من هو على غرائز القردة والخنازير في الشره والطمع ، ثم ذكر أن منهم من إذا جاءوا المؤمنين قالوا آمنا ، وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به ، وأن كثيرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان وأكل السّحت ، وقد كان على ربّانيّيهم وأحبارهم أن ينهوهم عن ذلك ، ولكنهم تركوه طمعا في ما يأخذونه منهم ، ثم ذكر أنهم كانوا ، إذا طلب منهم الإنفاق في سبيله ، قالوا إن الإله الذي يستقرض شيئا من عباده فقير يده مغلولة ، يتهكمون بذلك ويتعللون به في كف أيديهم عن الإنفاق ، ويقولون على الله هذا القول الشنيع ، وهو الغني المبسوط اليدين بالعطاء ، ومن يكون هذا شأنه لا ينتظر منه إلا أن يزيده ما ينزل من القرآن طغيانا وكفرا ، ثم ذكر أنه ألقى بينهم العداوة إلى يوم القيامة بسبب تكالبهم على الدنيا ، فكلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها بتفرقهم وتخاصمهم ، ثم ذكر أنهم ، لو آمنوا وأقاموا حكم التوراة والإنجيل في القصاص وغيره ، بدل أحكام الجاهلية ، لكفّر عنهم سيئاتهم ، ورزقهم سعادة الآخرة والدنيا ، وأن منهم من اقتصد في أمره وحافظ على عهده ، ولم ينقضه كما نقضه كثير منهم.
ثم أمر النبي (ص) أن يمضي في تبليغ رسالته إليهم ، ووعده بعصمته وحفظه منهم ، ثم فصل ما يبلغه بأن يقول لهم إنهم ليسوا على شيء حتى يقيموا عهد التوراة والإنجيل والقرآن في القصاص وغيره من الأحكام ، وأخبره بأن تبليغه إليهم ذلك سيزيدهم طغيانا وكفرا ، ونهاه أن يحزن على قوم كافرين مثلهم ، وذكر ما أعده لمن آمن منهم ومن غيرهم ليقلعوا عن كفرهم ، ثم ذكر ، من خروجهم على عهد التوراة والإنجيل ، أنه أخذ على بني إسرائيل ميثاقهم أن يؤمنوا برسله ، فكلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم كذّبوا بعضهم وقتلوا بعضهم ، وأن النصارى كفروا بعد إيمانهم ، فقال بعضهم إن الله هو المسيح بن مريم ،