المهداة تصبح علامة ، فكانت من الشعائر للحاجّ ، أي : علامة له ، ولأنها تذبح ، فقد صار «الإشعار» هو الإدماء ، أي : الذّبح.
وفي حديث مقتل عمر ، رضي الله عنه : أن رجلا رمى الجمرة فأصاب صلعته بحجر ، فسال الدم ، فقال رجل : أشعر أمير المؤمنين.
وإذا كانت الشعائر عامة مناسك الحج ، فهي أيضا الشّعارة والمشعر ، وقوله تعالى : (فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ) [البقرة / ١٩٨].
أي : مزدلفة.
والمشاعر : المعالم التي ندب الله إليها ، وأمر بالقيام عليها.
أقول : من غير شك أن هذه المواد الاصطلاحية ، التي أصبحت شيئا من المعجم التاريخي الإسلامي ، تشير إلى الأصل البعيد ، وهو مادة «الشعور» بمعنى «الحسّ» ، أو «الإحساس». وعلى هذا يكون «الشّعار» ، وهو العلامة ، واسطة يشعر بها الرجل في الحرب وغير الحرب.
ثم كان من هذا الشعيرة ـ وهي البدنة ـ «المعلّمة» بعلامة ، التي تنحر هديا ، ثم كانت هذه الشعيرة العلامة لعامة ما يتصل بالحج ، فأطلقت على المناسك كلّها.
ثم ماذا من هذه المواد القديمة؟
أقول : استقرّت الشعيرة والشعائر في استعمالها الاصطلاحي في الحجّ. وقد يتوسع الآن فتطلق «الشعائر» على جميع الواجبات الدينية ، فيقال مثلا : الشعائر الدينية ، وهي الفرائض والسنن وغيرها.
أما الشعار والشعارات في عصرنا ، فهي ما يتخذ ، من قول أو عمل ، واسطة ، أو مظهرا للإعراب عن حقيقة ما ، كأن يقال : شعار الطلاب : السعي والعمل الوطني ، وشعار الجندي : الطاعة ، وشعار العامل : الإخلاص.
وليس هذا الاستعمال الجديد إلا شيئا من الاستعمال القديم.
وأما المشاعر ، فهي في لغتنا المعاصرة تعني الشعور والإحساس ، يقال : أظهر فلان لضيفه مشاعر الودّ مثلا. وليس لهذه المشاعر مفرد ، كما أنه لا مفرد للمحاسن ، أو المساوئ ، أو المباهج أو غيرها مما شابهها.
٢ ـ وقال تعالى : (إِذا آتَيْتُمُوهُنَ