(عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) وانما أخبر أنّه لا يضرّهم.
وقال تعالى : (شَهادَةُ بَيْنِكُمْ) [الآية ١٠٦] ثم قال (اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) [الآية ١٠٦] أي : شهادة بينكم شهادة اثنين. فلما القى «الشهادة» قام «الاثنان» مقامها ، وارتفعا بارتفاعها ، كما (١) (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف / ٨٢] يريد : أهل القرية. وانتصبت «القرية» بانتصاب كلمة «الأهل» وقامت مقامها. ثم عطف (أَوْ آخَرانِ) [الآية ١٠٦] على «اثنان».
وقرأ بعضهم : (من الذين استحقّ عليهم الأوّلين) [الآية ١٠٧] (٢) أي : من الأوّلين الذين استحقّ عليهم. وقرأ بعضهم (الأوليان) (٣) وبها نقرأ. لأنّه حين قال : (يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ) [الآية ١٠٧] كان كأنه قد حدّهما حتى صارا كالمعرفة في المعنى فقال (الْأَوَّلِينَ) فأجرى المعرفة عليهما بدلا (٤). ومثل هذا مما يجري على المعنى كثير. قال الراجز [وهو الشاهد السابع والثمانون بعد المائة] :
عليّ يوم تملك الأمورا |
|
صوم شهور وجبت نذورا |
وبدنا مقلّدا منحورا
فجعله على «أوجب» لأنه في معنى «قد أوجب».
قال تعالى : (قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا) [الآية ١١٤] بجعل «تكون» من صفة «المائدة» كما (فَهَبْ
__________________
(١). نقله في إيضاح الوقف ٢ / ٦٢٦ ، مع نقص في بعض العبارات وتغيير طفيف.
(٢). في الطبري ١١ / ١٩٤ الى عامة قراء الكوفة ، وفي الكشف ١ / ٤٢٠ والتيسير ١٠٠ الى أبي بكر وحمزة ، وفي الجامع ٦ / ٣٥٩ الى ابن سيرين ، وفي السبعة ٢٤٨ الى حمزة والى عاصم في رواية ، وفي حجة ابن خالويه ١١٠.
(٣). في معاني القرآن ١ / ٣٢٤ هي قراءة الامام علي بن ابي طالب وأبيّ بن كعب ، وفي الطبري ١١ / ١٩٦ الى عامة قراء اهل المدينة والشام والبصرة ، وفي السبعة ٢٤٨ الى ابن كثير ونافع وابي عمرو ونافع وابن عامر والكسائي وعاصم في رواية ، وفي التيسير ١٠٠ الى غير ابي بكر وحمزة ، وزاد في الكشف ١ / ٤٢٠ ان عليه الجماعة ، وفي الجامع ٦ / ٣٥٩ الى ابي بن كعب ، وفي البحر ٤ / ٤٥ الى الحرميين والعربيين والكسائي والامام علي بن ابي طالب وابي وابن عباس والى ابن كثير في رواية قرة عنه.
(٤). نقله في اعراب القرآن للزجاجي ٢ / ٥٧٧ ، وشرح الأشموني ٣ / ٦١ والهمع ٢ / ١١٧ ، والاملا ١ / ٢٣٠.