هُدىً لِلنَّاسِ) مفصلا. وصرح بذكر الإنجيل هنا ، لأن السورة خطاب للنصارى ، ولم يقع التصريح به في سورة البقرة بطولها ، وإنما صرح فيها بذكر التوراة خاصة ، لأنها خطاب لليهود.
ومنها : أن ذكر القتال وقع في سورة البقرة مجملا بقوله المكرر في الآيتين ١٩٠ و ٢٤٤ : (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) وقوله في الآية ٢١٦ : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ). وفصلت هنا قصة أحد بكاملها (١).
ومنها : أنه أوجز في الآية ١٥٤ من سورة البقرة ذكر المقتولين في سبيل الله بقوله : (أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ) وزاد هنا : (عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ـ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ) (١٦٩). وذلك إطناب عظيم.
ومنها : أنه قال في البقرة : (وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ) [الآية ٢٤٧]. وقال هنا : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٢٦) ، فزاد إطنابا وتفصيلا.
ومنها : أنه حذر من الربا في البقرة ، ولم يزد على لفظ الربا إيجازا (٢). وزاد هنا قوله : (أَضْعافاً مُضاعَفَةً) [الآية ١٣٠] ، وذلك بيان وبسط.
ومنها : أنه قال في البقرة : (وَأَتِمُّوا الْحَجَ) [الآية ١٩٦] ، وذلك إنما يدل على الوجوب إجمالا. وفصله هنا بقوله : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) [الآية ٩٧] ، وزاد : بيان شرط الوجوب بقوله : (مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) [الآية ٩٧]. ثم زاد : تكفير من جحد وجوبه بقوله : (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) (٩٧).
ومنها : أنه قال في البقرة في أهل الكتاب : (ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ) [الآية ٨٣] ، فأجمل القليل. وفصله هنا بقوله : (لَيْسُوا سَواءً مِنْ
__________________
(١). وذلك في قوله تعالى : (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ ، إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ) [الآية ١٥٢] إلى (وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) (١٥٨).
(٢). وذلك في قوله تعالى من «البقرة» : (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ) [الآية ٢٧٥] ، وقوله منها : (يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ) [الآية ٢٧٦].