قبل ذلك كما ترى ، كما تقول : «نودي» «الصلاة الصلاة» «أي : تحكي قوله : «الصلاة الصلاة» وقال بعضهم (١) : إنّما هي «أن قتلا لي» ولكنه جعله عينا لأنّ من لغته في «أن» «عن» (٢). والنصب على الأمر كأنك قلت : «ضربا لزيد».
وقال : (كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) [الآية ٧] لأن «كلّ» قد يضمر فيها كما قال :
(إِنَّا كُلٌّ فِيها) [غافر / ٤٨] يريد : كلّنا فيها. ولا تكون «كلّ» مضمرا فيها وهي صفة انما تكون مضمرا فيها إذا جعلتها اسما فلو كان «إنّا كلّا فيها» على الصفة لم يجز لأن الإضمار فيها ضعيف لا يتمكن في كل مكان.
وقال : (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ) [الآية ١١] يقول : «كدأبهم في الشرّ» من «دأب» «يدأب» «دأبا».
وقال : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ) [الآية ١٢] أي : أنّكم ستغلبون. كما تقول : «قل لزيد» : «سوف تذهب» أي : أنّك سوف تذهب. وقال بعضهم : (سيغلبون) (٣) أي : قل لهم الذي أقول. والذي أقول لهم «سيغلبون». وقال : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا) [الأنفال / ٣٨] فهذا لا يكون إلا بالياء في القرآن لأنه قال : (يُغْفَرْ لَهُمْ) (٤). ولو كان بالتاء قال : (يغفر لكم) (٥) وهو في الكلام جائز
__________________
(١). هو الخليل بن أحمد. العين ١ / ٣١.
(٢). هي العنعنة وهي قلب الهمزة عينا ، وهي لغة تميم وقيل قيس أيضا وقيل بل تميم وأسد قيل بل بني كلاب وقيل هذيل ؛ اللهجات ٢٨٤.
(٣). القراءة بالياء كما في الطبري ٦ / ٢٢٦ الى جماعة من أهل الكوفة وفي السبعة ٢٠٢ ، والكشف ١ / ٣٣٥ والتيسير ٨٦ والبحر ٢ / ٣٩٢ الى حمزة والكسائي وفي الجامع ٤ / ٢٤ الى نافع. وفي معاني القرآن ١ / ٥٤ و ٦٣ و ١ / ١٩١ و ١٩٨٢ وحجة ابن خالويه ٨٢ بلا نسبة. اما القراءة بالتاء ففي الطبري ٦ / ٢٢٧ ، الى عامة قراء الحجاز والبصرة وبعض الكوفيين. وفي السبعة ٢٠١ الى ابن كثير وابي عمرو وعاصم وابن عامر ونافع وفي الكشف ١ / ٤٣٥ و ٤٣٥ الى غير حمزة والكسائي ، وان اجماع الحرميين وعاصم عليها ، وفي التيسير ٨٦ والبحر ٢ / ٣٩٢ الى غير حمزة والكسائي وفي الجامع ٤ / ٢٤ الى عكرمة وسعيد بن جبير عن ابن عباس. وفي معاني القرآن ١ / ٥٤ و ٦٣ و ١٩١ و ١٩٢ وفي حجة ابن خالويه ٨٢ بلا نسبة.
(٤). في معاني القرآن ١ / ١٩٢ نسبها الفرّاء الى من هو منهم ، فقال في قراءتنا ، ولعله قصد قراءة الكوفة والكسائي وحمزة في مقدمتهم.
(٥). في معاني القرآن ١ / ١٩٢ الى ابن مسعود.