وقال تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ) [الأنعام / ١١٢] على البدل ورفع على «هم شياطين» كأنه إذا رفع قيل له ، أو علم أنه يقال له «ما هم»؟ أو «من هم» فقال : «هم كذا وكذا». وإذا نصب فكأنه قيل له أو علم أنه يقال له «جعل ماذا» أو «جعلوا ماذا» أو يكون فعلا واقعا بالشياطين (عَدُوًّا) حالا ، ومثله (كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ (١٥) ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ) [العلق] كأنه قيل أو علم ذلك فقال «بناصية» (١) وقد يكون فيه الرفع على قوله : «ما هي» فيقول (ناصية) (٢) والنصب على الحال. قال الشاعر [من البسيط وهو الشاهد الخامس والخمسون بعد المائة] :
إنّا وجدنا بني جلّان كلّهم |
|
كساعد الضّبّ لا طول ولا عظم (٣) |
على البدل أي ك «لا طول ولا عظم» ومثل الابتداء (قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ) [الحج / ٧٢].
وقوله : (قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) [الآية ١٥] كأنه قيل لهم : «ماذا لهم»؟ و «ما ذاك»؟ فقيل : «هو كذا وكذا». وأمّا (بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ) [المائدة / ٦٠] فإنما هو على «أنبّئكم بشرّ من ذلك حسبا» و «بخير من ذلك حسبا». وقوله : (مَنْ لَعَنَهُ اللهُ) [المائدة / ٦٠] موضع جرّ على البدل من قوله (بِشَرٍّ) ورفع على «هو من لعنه الله».
قال تعالى : (وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) [الآية ١٤] مهموز منها موضع الفاء لأنه من «آب» «يؤوب» وهي معتلة العين مثل «قلت» «تقول» «والمفعل» «مقال». تقول : «آب» «يؤوب» «إيابا» قال الله تعالى : (إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ) (٢٥) [الغاشية] وهو الرجوع. قال الشاعر (٤) [من الطويل وهو الشاهد السادس والخمسون بعد المائة] :
__________________
(١). الجر هو في البحر ٨ / ٤٩٥ الى الجمهور.
(٢). في الشواذ ١٧٦ الى الكسائي في رواية.
(٣). في الحيوان ٦ / ١١٢ بغير نسبة ، وفي الخزانة ٢ / ٣٦٤ كذلك وبلفظ «قصر» بدل «عظم».
(٤). هو مضرس الاسدي ، البيان والتبيين ٣ / ٤٠ ، وقيل معقّر بن حمار البارقي او سليم بن ثمامة الحنفي ، او عبد ربه السلمي ، اللسان «عصا» ، وفي الاشتقاق ٤٨١ انه لمعقر ، وكذلك في «المؤتلف والمختلف» ١٢٨.