بدخانه. وهذا كناية عن ظهور شرّه ، لأن الإنسان إذا اشتد خوفه أظلمت عيناه ، فيرى الدنيا كأنها مملوءة من الدخان. ثم ذكر السياق ما يكون من دعائهم له ، سبحانه ، أن يكشفه عنهم وإعلان استعدادهم للإيمان ، وما يكون من استبعاده إيمانهم إذا كشفه عنهم ، وقد جاءهم رسول مبين فأعرضوا عنه وقالوا : معلّم مجنون. ثم ذكر السياق أيضا أنه ، سبحانه ، يكشفه قليلا ، ليظهر كذبهم في دعوى استعدادهم للإيمان ، إذا كشفه عنهم ، وأنه ، جلّت قدرته ، يبطش بهم بعد هذا بطشته الكبرى ، وينتقم منهم. ثم أتبع ذلك بذكر ما حصل لفرعون وقومه لبيان قدرة الله تعالى على إهلاكهم ، وأن تلك سنته فيمن يكذّب رسله ولا يؤمن به. ثم عاد السياق إليهم فذكر أنهم ينكرون ذلك ويزعمون أنهم لا يبعثون ؛ ويطلبون ، ممن يعتقد ذلك ، أن يبعث لهم آباءهم إن كان صادقا في دعواه. وأورد السياق ردّه سبحانه عليهم بأنهم ليسوا أقوى من قوم تبّع الذين أهلكهم لإجرامهم ، وبأنه ، جلّ وعلا ، لم يخلق السماوات والأرض وما بينهما عبثا ، وإنما خلق ذلك لحكمة لا تظهر إلّا بأن يكون هناك بعث بعد الموت ، لأنه لا بدّ من يوم يفصل فيه بينهم أجمعين ، فلا يغني فيه مولى عن مولى شيئا ، وتكون شجرة الزّقّوم طعام الأثيم ، ويكون المتّقون في مقام أمين. ثم ختمت السورة بمثل ما بدأت به ، فقال تعالى : (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٥٨) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ) (٥٩).