بلبس الإستبرق وهو غليظ الديباج في قوله تعالى : (يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ) مع أن لبس الغليظ من الديباج عند السعداء من أهل الدنيا عيب ونقص؟
قلنا : كما أن رقيق ديباج الجنة وهو السندس ، ولا يماثل رقيق ديباج الدنيا إلا في الاسم فقط ، فكذلك غليظ ديباج الجنة. وقيل السندس لباس السادة من أهل الجنة ، والإستبرق لباس العبيد والخدم إظهارا لتفاوت المراتب.
فإن قيل : لم قال تعالى في وصف أهل الجنة : (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) [الآية ٥٦] مع أن الموتة الأولى لم يذوقوها في الجنة؟
قلنا : قال الزجاج والفراء «إلّا» هنا بمعنى سوى كما في قوله تعالى : (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) [النساء / ٢٢] وقوله تعالى : (إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) [هود / ١٠٨].
الثاني : أن «إلّا» بمعنى بعد كما قال بعضهم في قوله تعالى : (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ). الثالث : أنّ السعداء ، إذا حضرتهم الوفاة ، كشف لهم الغطاء ، وعرضت عليهم منازلهم ومقاماتهم في الجنة ، وتلذّذوا في حال النزع بروحها وريحانها ، فكأنهم ماتوا في الجنة ، وهذا قول ابن قتيبة رحمهالله.