باليهود ، وتلقّيهم عنهم ، واشتراكهم معهم في بعض المؤامرات المحبوكة.
والحديث عن المنافقين في سورة «محمد» (ص) يحمل فكرة السورة ويصوّر شدّتها في مواجهة المشركين والمنافقين. بل إن المنافقين هم فرع من الكافرين ، أظهروا الملاينة وأبطنوا الكفر والخداع ؛ أو هم فرع من اليهود يعمل بأمرهم ، وينفّذ كيدهم ومكرهم. فمن هؤلاء المنافقين من يستمع الى النبي (ص) بأذنه ويغيب عنه بوعيه وقلبه. فإذا خرج من مجلس النبي (ص) تظاهر بالحرص على الدين ، فسأل الصحابة عما قاله النبي (ص) سؤال سخرية واستهزاء ، أو سؤال تظاهر ورياء.
أولئك المنافقون قد طمس الله سبحانه على أفئدتهم فلا تفقه ، وقد اتّبعوا أهواءهم ، فقادهم الهوى إلى الهلاك.
أمّا المتقون المهتدون ، فيزيدهم الله هدى ويمنحهم التقوى والرشاد ، ثم يتهدّد القرآن المنافقين بالساعة ، فإذا جاءت ، فلا يملكون الهداية ولا تنفعهم الندامة :
(فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ) (١٨).
ثم تصوّر الآيات جبن المنافقين وهلعهم وتهافتهم إذا ووجهوا بالقرآن يكلّفهم القتال ، فهم يتظاهرون بالإيمان ، فإذا أنزلت سورة محكمة لا تشابه فيها ، وذكرت الجهاد ، رأيت المنافقين ينظرون إليك يا محمد نظرة من هو في النّزع الأخير ؛ تشخص أبصارهم ؛ لذلك كانوا جديرين بأن يهدّدهم الله جل جلاله بالويل والهلاك.
وتحثهم الآيات على الطاعة والصدق والثبات : (فَأَوْلى لَهُمْ (٢٠) طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) (٢١).
وبذلك يفتح القرآن الباب لمن يريد الطهارة الحسية والنفسية من المنافقين ومن المخاطبين جميعهم ؛ ثمّ يحثّهم عزوجل على تدبّر القرآن وتأمّله ، لأن ذلك يحرّك المشاعر ، ويستجيش القلوب ، ويخلّص الضمير.
وتمضي الآيات في تصوير حال المنافقين ، وبيان سبب تولّيهم عن الإيمان بعد أن شارفوه ، فتبيّن أنه تآمرهم مع اليهود ، ووعدهم لهم