فإن قيل : ما معنى قوله تعالى : (وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً) (٢) وهو مهديّ إلى الصراط المستقيم ، ومهديّة به أمته أيضا.
قلنا : معناه ويزيدك هدى ؛ وقيل ويثبّتك على الهدى ، وقيل معناه ويهديك صراطا مستقيما في كل أمر تحاوله.
فإن قيل : كيف يقال إن الإيمان لا يقبل الزيادة والنقصان ، وقد قال الله تعالى : (لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ) [الآية ٤]
قلنا : الإيمان الذي يقال إنه لا يقبل الزيادة والنقصان هو الإقرار بوجود الله تعالى ، كما أن إلهيته سبحانه ، لا تقبل الزيادة والنقصان ؛ فأما الإيمان بمعنى الأمن أو اليقين أو التصديق فإنّه يقبلهما ؛ وهو في الآية بمعنى التصديق ، لأنهم بسبب السكينة التي هي الطمأنينة وبرد اليقين كلما نزلت فريضة وشريعة صدّقوا بها فازدادوا تصديقا مع تصديقهم.
فإن قيل : ما الحكمة في قوله تعالى : (وَأَهْلَها) [الآية ٢٦] بعد قوله جلّ وعلا (وَكانُوا أَحَقَّ بِها) [الآية ٢٦]؟
قلنا الضمير في «بها» لكلمة التوحيد ، وفي «أهلها» للتقوى فلا تكرار.
فإن قيل : ما وجه تعليق الدخول بمشيئة الله تعالى في أخباره سبحانه وتعالى ، حتّى قال : (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ) [الآية ٢٧].
قلنا : فيه وجوه : أحدها أن «إن» بمعنى إذ ، كما في قوله تعالى : (وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٧٨) [البقرة]. الثاني : أنه استثناء من الله تعالى فيما يعلم تعليما لعباده أن يستثنوا فيما لا يعلمون. الثالث : أنه على سبيل الحكاية لرؤيا النبي (ص) فإنه رأى أن قائلا يقول له (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ) [الآية ٢٧]. الرابع : أن الاستثناء متعلق بقوله تعالى (آمِنِينَ) [الآية ٢٧]. فأما الدخول فليس فيه تعليق.
فإن قيل : ما الحكمة في قوله تعالى : (لا تَخافُونَ) [الآية ٢٧] بعد قوله سبحانه : (آمِنِينَ) [الآية ٢٧]؟
قلنا : معناه آمنين في حال الدّخول ، لا تخافون عدوكم أن يخرجكم منه في المستقبل.