حصان رزان لا تزنّ بزنية (١) وتصبح غرثى من لحوم الغوافل أي تمسك عن غيبة النساء الغافلات عن غيبتها ، فتكون بإمساكها عن الغيبة التي يسمى فاعلها آكل لحم صاحبه ، كأنها غرثى أي جائعة لم تطعم شيئا ، لأنّ الغيبة ، لمّا سمّيت أكلا وقرما (٢) حسن أن يسمّى تركها جوعا وغرثا. ومعنى (فَكَرِهْتُمُوهُ) أي عافته أنفسكم ، فكرهتموه ، وهذا محذوف مقدّر في الكلام دلالة. وقال بعضهم تلخيص هذا المعنى أن من دعي إلى أكل لحم أخيه ميتا فعافته نفسه وكرهه من جهة طبعه ، فإنه ينبغي له ، إذا دعي إلى غيبة أخيه ، أن تعاف ذلك نفسه من جهة عقله ، لأنه يجب أن يكره هذا عقلا كما كره الأوّل طبعا ؛ لأنّ داعي العقل أحقّ بالاتّباع من داعي الطبع ، إذ كان داعي الطبع أعمى جاهلا وداعي العقل بصيرا عالما ، فكلاهما في صفة الناصح ، إلّا أنّ نصح العقل سليم مأمون ، ونصح الطبع ظنين مدخول.
__________________
(١). وردت في بعض الأصول لفظة «بريبة» محل بزينة.
(٢). القرم : شدّة الشّهوة إلى اللحم. ابن منظور : اللسان ، مادة قرم. [وفي الأصل : من قرم : أكل أكلا ضعيفا ، وذلك في أوّل ما يأكل]. وهذا الشرح للمحقّق ، وهو ليس دقيقا.