من جهة أن كل خطاب يكون ظاهرا في العنوان الواقعي فإذا نفى الضرر يكون ظاهره أن المنفي هو واقع الضرر لا الضرر المعلوم أو المجهول.
ولذا يقال إذا كان حفر البئر مضرا بالجار يكون الضرر منفيا ولو لم يعلم أحدهما ولا فرق بين ان يقال بشمول قاعدة الناس مسلطون على الحافر ثم بالمعارضة بين القاعدتين يقدم اللاضرر أو يقال بان قاعدة الناس قاصرة في ذاتها كما عليه الخراسانيّ قده لأنه غير فارق.
انما الكلام في تخصيص بعض الموارد بصورة العلم مثل الوضوء في باب العبادات فقيل بأنه يكون صحيحا على فرض الجهل بكونه مضرا ويفسد في صورة العلم به وكذلك الصوم وقد دفع هذا الإشكال جملة من الاعلام بأنها قاعدة امتنانية وحيث أن القول بوجوب الوضوء الضرري مع عدم العلم به إعادة خلاف الامتنان فلا تنطبق في الوضوء والصوم وغيرهما في صورة الجهل به وثانيا فيما يكون علة الضرر هي الحكم يكون منفيا لأن الحكم الضرري غير مجعول وهنا لا يكون الحكم هو العلّة للضرر بل جهل المكلف صار علة له فلا يكون منفيا بخلاف صورة العلم به فان العلة هي الحكم ونفيه يكون موافقا للامتنان.
والجواب عن الوجه الأول هو أنه لأي دليل يقال بوجوب الإعادة حتى يكون نفى الضرر خلاف الامتنان فان وجود المصلحة كاف لعبادية العبادة وصحتها إلّا أن نحتاج إلى الأمر وقلنا بعدم كفاية الملاك كما قال به صاحب الجواهر قده (١) وأما عن الثاني فلان المحرك هو الحكم بوجوب الوضوء سواء كان العلم بوجود الضرر أو لم يكن فلا وجه للقول بأن الحكم لا يكون علة تامة للوقوع في الضرر.
__________________
(١) وهو المختار عندنا أيضا لأن الكاشف للملاك هو الأمر وحيث لم يكن لنا أمر فلا علم لنا بالمصلحة كما مر مرارا في بحث اجتماع الأمر والنهي منا وغيره ثم لا إشكال في تخصيص القاعدة لو فرض إجماع على الصحة ولم يكن ما قيل في وجهها تاما.