البقاء على تقليد الميت ومسألة عدم جواز العدول من الحي إلى الحي فان العمل شرط فيهما وهكذا يقول الشيخ الأعظم في رسالته بأنه التزام بالعمل على رأي مجتهد معين وعليه السيد قده في العروة الوثقى فانه اكتفى بأخذ رسالته للعمل وان لم يعمل.
ولكن الحق عندنا هو ان التقليد لا يكون إلّا العمل المستند إلى فتوى المجتهد ولا يكفى الالتزام بدون العمل ولا أخذ الرسالة وليس مثل الاجتهاد الّذي هو سابق على العمل فان الشخص يقلد مجتهده لا انه يقلده ثم يعمل على طبق التقليد كما في ذهن الاعلام.
ولتوضيح المرام لا بد من الكلام في مقتضى الأدلة الواردة في وجوب التقليد ليتضح من جهة الحكم ان الموضوع له ما هو إذا لم يتضح من الخارج فان تناسب الحكم والموضوع يوجب زيادة الوضوح إذا لم يكن الموضوع محرزا من لسان الدليل كما في الأدلة اللبية التي لا لسان لها.
فنقول قال المحقق الخراسانيّ قده ان جواز التقليد ورجوع الجاهل إلى العالم يكون بديهيا جبليا فطريا وهو قده كما ترى ضم الجميع كدليل واحد ولكن الحق ان كل واحدة من الفطرة والجبلة والعقل وبناء العقلاء والسيرة يكون دليلا على حدة فنبحث عنه بالتفصيل فنقول ان كان الدليل عليه الفطرة فربما قيل ان فطرة الناس تقتضي بواسطة عشق ذاتي لهم ان يصيروا عالمين بما هم جهال بالنسبة إليه فيكون رجوعهم إلى العالم لتحصيل العلم وهو غير مربوط بالعمل بقول المجتهد تعبدا.
ولكن يرد عليه ان مرادهم من الفطرة هنا ليس هو العشق الغريزي في طلب العلم بل المراد هو الانسداد الصغير الّذي يكون مقدماته تامة عند المقلد فانه إذا رأى ان الشارع جعل له أحكاما ولا بد له اما من الاجتهاد فيها أو الاحتياط فيما لا يكون من الضروريات ولا يكون في وسعه الاجتهاد ويكون الاحتياط عسريا فيرى بالفطرة ان حكمه الرجوع إلى من يتبع رأيه ومعنى الاتباع هو العمل على طبقه مستندا