المريض يرجع إلى الطبيب الّذي يرى فيه اجتماع جميع الصفات التي لها دخل في علاج المرض وهكذا غيره من أصناف الخبراء وأنواعهم إذا أمكنه ذلك.
فان قلت ان وجوب تقليد الأعلم بواسطة الحكم بالتعيين في المقام مرفوع بالأصل لأن التعيين كلفة زائدة فهو مخير في الرجوع إلى الأفضل والمفضول سيما في صورة العسر في الرجوع إلى الأفضل قلت القول بالتعيين لا يكون من جهة كون الأفضل له الموضوعية حتى ينفى بالأصل بل من باب ان المكلف اشتغال ذمته بالتكليف في البين مسلم ولا بد له من تحصيل البراءة عن الواقع الّذي هو مكلف بإتيانه وامتثاله.
وهو لا يمكن إلّا في صورة الرجوع إلى الأعلم لأنه ان تبع غير الأعلم ولم يصب فتواه إلى الواقع يكون مذموما عند العقلاء بخلاف متابعة الأفضل فانه معذور وان لم يصب فتواه إلى الواقع.
وبعبارة أخرى يطلب الشارع من المكلف الواقع ان علم به وعلى فرض عدم العلم به يتنزل بإتيانه على طبق رأي المجتهد الأعلم فما في ذمته هو الواقع ولا يكون مجرى للبراءة بعد اشتغال ذمته به وليس الرجوع إلى الأفضل من باب الموضوعية حتى يكون وجوبه مشكوكا فيه ابتداء لتجري البراءة العقلية بالنسبة إلى العامي.
فتحصل ان العامي دليله على أصل التقليد وعلى الرجوع إلى الأعلم هو الفطرة ثم الظاهر ان الفطرة حاكمة بالرجوع إلى الأعلم في جميع الفروع لا في أصل التقليد وان كان من الممكن بعد رجوعه إليه إرجاعه في غير هذه المسألة إلى المفضول أيضا هذا كله في حكم الأصل للعامي.
المقام الثاني في مقتضى الأصل عند المجتهد حسب الأدلة الشرعية وثمرة البحث في هذا الأصل بعد كون الأصل عند العامي الرجوع إلى الأعلم هي تنقيح الحكم للمقلد الّذي يرجع إلى الأعلم والفتوى بوجوب تقليده فقط أو كفاية تقليد المفضول أيضا.