فنقول يختلف الحكم حسب اختلاف المباني في رأي المجتهد فان رأيه اما ان يكون طريقا محضا للواقع وجهة تعليلية فقط بمعنى كونه عذرا عند الخطاء وهو حجة لكونه طريقا إلى الواقع فلا موضوعية له.
واما ان يكون حجة من باب جعل مماثل الواقع في ظرفه بحيث يكون وجوده موجد مصلحة فيه تقتضي العمل على طبقه ولذلك يقال بالتخيير عند التعارض وإلّا فالأصل هو التساقط حينئذ كما ان الأصل الأولى في الاخبار عند التعارض هو التساقط واما ان تكون الحجية من باب الطريقي الجزء الموضوعي ومعناه هو ان الواقع منجز عليه لكونه مطابقا لرأي المجتهد بحيث ان الطريق لا بد ان يكون هذا لا غيره.
ولتوضيحه نقول ان أخبر مخبر في السوق بان دهن الزيت يفيد لمن هو مبتلى بمرض الكلية ويضره الدهن الحيواني وأخبر الطبيب أيضا بذلك ولكن لا من باب الاخبار فقط بل بعنوان الدستور العلاجي والرّأي بالعمل على طبقه فنرى أن رأي الطبيب يكون له موضوعية عند العقلاء للعمل على طبقه ولو كان طريقا إلى الواقع الكذائي ولا يكون كذلك عندهم اخبار المخبر مع انه طريق إلى الواقع أيضا (١) فإذا عرفت ذلك فندعي مثله في رأي المجتهد ونقول ان الطريق الّذي هو هكذا يكون حجة لا غيره فتحصل ان حجية الرّأي على ثلاثة أنحاء الطريقية المحضة والموضوعية المحضة والطريقي الجزء الموضوعي.
فإذا عرفت المباني فنقول على مبنى الطريقية فيدور الأمر بين التعيين التخيير
__________________
(١) أقول عدم اعتمادهم على اخبار المخبر يكون من باب عدم خبرويته فان الخبروية تكون في تطبيق الكبرى على المصداق بحسب حال كل مريض فرأيه يكون طريقا إلى الواقع ولا مصلحة في رأيه أيضا لو لم يصبه فرأي الطبيب يكون في الواقع اخبارا عن خاصية الدواء وعن كونه مفيدا بحال هذا المريض الخاصّ ولا موضوعية له.