في المقام لأن المدار على الواقع والأخذ برأي الأعلم في كونه مصابا أو عذرا لا إشكال فيه عند العقلاء بالنسبة إلى الواقع المنجز في البين بخلاف رأي المفضول فالعقل حاكم بالتعيين وان لم نقل في دوران الأمر بين التعيين والتخيير في الفروع الفقهية بوجوب الأخذ بالمعين وقلنا بأنه كلفة زائدة تجري البراءة بالنسبة إليها لأن المقام من الدوران بين التعيين والتخيير في مسألة أصولية فان الشك في الحجية مساوق للقطع بعدمها لأن الحجة هي التي يمكن ان يحتج بها وما هو مشكوك لا يمكن الاحتجاج به فلا بد من الأخذ بفتوى الأعلم لذلك فان قلت على فرض إطلاق الأدلة اللفظية في التقليد يصير هذا الأصل محكوما قلت ليس لنا دليل لفظي ليمكن أخذ الإطلاق منه كما سيجيء في البحث عن الدليل الاجتهادي لوجوب تقليد الأعلم.
واما على مبنى الموضوعية فحيث يكون الرّأي له الملاك في نفسه ويكون ذلك في رأي الأفضل والمفضول ففي دوران الأمر بين كونه من باب التعيين والتخيير أو من باب المتزاحمين أو الدوران بين المحذورين في بعض الأحيان كما إذا كان اختلاف الفتوى من جهة وجوب شيء وحرمته وجوه وأقوال على ما ذكره بعض الأعيان في حاشيته على الكفاية المسماة بنهاية الدراية في هذا المقام في ص ٢١١ واختار الثاني أي كونه من باب التزاحم من جهة ان احتمال التعيين والتخيير غير وجيه لكونه في صورة العلم بوجود المصلحة في أحدهما واحتمالها في الآخر والمفروض على الموضوعية هو العلم بوجودها فيهما فلا بد من ملاحظة ما هو أقوى ملاكا للتزاحم (١) وهو الأهم مع عدم لزوم الجمع بينهما إذا كانا متضادين مثل
__________________
(١) أقول ولا يخفى ان الملاك في باب التزاحم هو ان يكون المانع في ناحية الامتثال من جهة عدم قدرة العبد عليه كما في إنقاذ الغريقين اما في صورة عدم التكليف بهما فيكون من باب التعارض للعلم الإجمالي بحجية أحد الرأيين ووجوب العمل على وفقه فيدور الأمر بين تعيين العمل بهذا أو التخيير بينه وبين غيره ـ