العقل من التساقط على فرض كون التكاذب في الذات لا يمكن التعبد من الشرع بالتخيير فيه فمن امره بالتخيير نفهم عدم التكاذب في الذات والرّأي مثل الرواية في صورة التكاذب ولا بد لنا من دليل خارج على التخيير بعد أصل الحجية بمقتضى هذه الإطلاقات غاية الأمر لا دليل لنا على التخيير في الفتوى لو لم يشمل الأمر بالتخيير في الروايتين بتنقيح المناط للفتويين.
ولذا قال به القائل من جهة الإجماع على عدم إهمال المكلف في صورة اختلاف المجتهدين فلا بد له من الأخذ بأحدهما من هذا الوجه ولكن الإجماع المحصل هنا ممنوع إلّا ان يقال ان حجية الرّأي تكون من باب الموضوعية وان كانت حجية الرواية من باب الطريقية فعليه يكون العقل حاكما بالتخيير لأن التكاذب يكون بالنسبة إلى الواقع لا بالنسبة إلى المصلحة في أصل الرّأي فيمكن القول بالتخيير عقلا.
وعلى الموضوعية قيل بعدم جواز البقاء على تقليد الميت لعدم الرّأي له فالإشكال يكون من جهة الطريقية ونحن حيث اخترنا ان الرّأي له جهة موضوعية وان لم تكن حجيته من باب الموضوعية المحضة بل له الطريقية من وجه والموضوعية من وجه آخر فيكون لنا القول بالتخيير عقلا ولكن حيث يكون البحث في التخيير في المسألة الأصولية لا الفرعية وتكون الحجية فيها بالأخذ ولا حجية قبله فيؤخذ برأي الأعلم لاحتمال تعيينه فهو حجة لا غيره.
ونمنع إطلاق الروايات من هذه الجهة لأن إطلاقها يشمل الحجية في كل واحد من الرأيين بالطبع لا في صورة انضمام جهة أخرى توجب تعيين الأعلم ولو سلم الإطلاق فالروايات السابقة الدالة على وجوب تقليد الأعلم مقيدة لها واما ما عن بعض الأعيان من عدم شمول هذه الروايات للرأي بل مصداقها نقل الروايات في الصدر الأول فممنوع كما مر لأن الرّأي بهذا النحو أيضا كان في ذلك الزمان لمثل زرارة ومحمد بن مسلم وأبان بن تغلب وغيرهم فلا وجه لمنع الإطلاق من هذا الوجه.