الموضوع ربما يكون بالرجوع إلى شيخ القوم ولو لم يكن فقيها ومع ذلك يكون الإرجاع إلى الأفقه فكيف لا يقال به في رفع الاختلاف في الحكم الّذي لا بد من رفعه بالأفقهية فتحصل ان المترافعين في الشبهة الحكمية أيضا داخلان في الروايات فيجب تقليد الأعلم بمقتضاها.
وقد استدل للتخيير بين الأخذ بفتوى الأعلم وغيره بالروايات المطلقة مثل قوله فانهم حجتي عليكم وقوله عليهالسلام اصمدا في دينكما على كل مسنّ في حبنا وكل كثير القدم في أمرنا وقوله عليهالسلام ينظر ان من كان منكم قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا (١) وقوله عليهالسلام من كان من الفقهاء صائنا لنفسه إلى قوله عليهالسلام فللعوام ان يقلدوه (٢) وغير ذلك من الاخبار.
وتقريب الاستدلال هو انه مع بعد تساوى جميع رواة الأحاديث وأهل الفتوى ومع بعد اتفاقهم في النّظر والرواية يكون الأمر بالرجوع إليهم مطلقا ولا يكون فيها قيد الأعلمية بل لا بد ان تكون شاملة بإطلاقها للخبرين المتعارضين وإلّا فلا دليل على حجية المتعارضين فلو لا الإطلاق لا وجه للأمر بالتخيير بقوله عليهالسلام اذن فتخير والأمر بالتخيير بعد كون مقتضى المدلول الالتزامي في كل واحد من المتعارضين تكذيب الآخر يكشف منه حجية المدلول المطابقي وسقوط الالتزامي في نظر الشرع عن الاعتبار فالدليل على أصل حجية المتعارضين هذه الإطلاقات والدليل على التخيير أمرهم عليهمالسلام به في مقبولة عمر بن حنظلة.
ولو لا هذا الأمر كان مقتضى الأصل الأولى التكاذب والتساقط ولكن التكاذب ينشأ من إطلاق الدليلين لا ذاتهما فلذا يمكن الأمر بالتخيير وإلّا فما يحكم بمنعه
__________________
(١) أقول إن الروايات الثلاثة في الوسائل ج ١٨ باب ١١ من أبواب صفات القاضي ح ٩ وح ٤٥ وح ١.
(٢) هذه الرواية في باب ١٠ من أبواب صفات القاضي عن أبي محمد العسكري عليهالسلام ح ٢٠ والروايات الأخرى أيضا توجد في البابين فارجع إليهما.