قلت كل حكم أنيط بموضوع يكون له البقاء يكون دائرا مداره حدوثا وبقاء فجواز التقليد يكون بعد وجود الرّأي وبدونه لا موضوع له مثل ان العدالة تكون موضوعا لجواز الاقتداء وعدمها يوجب عدم جوازه والفرق بين الرّأي والخبر هو عدم دخل الحكاية في حجية مفاده بخلافه فان له نحو موضوعية فهو جهة تقييدية وإلّا فلما ذا لا يجوز البقاء مع تبدل رأيه وما قاله من الإجماع على العدول فيه دونه في المقام غير ثابت بل السند له معلوم.
فان قلت كل الإشكال في احتمال زوال الرّأي وهو مندفع لأن زوال العلم الّذي حصله المجتهد مع زحمات كثيرة في سنين عمره يكون خلاف لطف الله تعالى بعباده فانه رءوف بالعباد.
قلت ما ندعي زوال علمه بالموت بل نحتمل علمه بخطاء سنده لا رتقاء درجته وكشف ما لم ينكشف له حين الحياة فتحصل انه لا سند لنا من الأصل على جواز البقاء على تقليد الميت واما شيخنا القائل بالجواز فلا يفرق بين ما عمل به من الفتاوى وما لم يعمل لحصول العلم بالوظيفة بصرف التماس مع المجتهد.
وقد يستدل بإطلاق الخطابات الواردة في الرجوع إلى المجتهد مثل آية السؤال عن أهل الذّكر بقوله تعالى فاسألوا أهل الذّكر ان كنتم لا تعلمون (١) ومثل الرواية الآمرة بالرجوع في الحوادث الواقعة إلى رواة أحاديثهم عليهمالسلام (٢) وغيرها وتقريب الإطلاق واضح من جهة عدم ذكر قيد الحياة فيها.
والجواب عنه أولا عدم كون الدليل على التقليد ما ذكر بل الدليل اما العقل أو بناء العقلاء في رجوع من ليس له الحجة إلى من له الحجة وثانيا إطلاقها منصرف إلى الحي لأن الرجوع في جميع الصناعات يكون إلى الحي من أهل الخبرة لا الميت سيما في مثل القضاء الّذي لا يمكن الرجوع فيه إليه ولا بد من
__________________
(١) في سورة النحل الآية ٤٥
(٢) في الوسائل ج ١٨ باب ١١ من أبواب صفات القاضي ح ٩