وعلى هذا لأساس ، أشكل بأنه اتصفت المقدمة بالوجوب ، مع أن الواجب النفسي لم يصبح فعليا ، فكيف سبق الوجوب الغيري الوجوب النفسي ، مع أنه من تبعاته وترشّحاته؟
وقد بحثوا هذه الموارد بحثا ثبوتيا عن كيفية تخريج وجوب هذه المقدمة وأمثالها ، قبل زمان ذيها ، بعد افتراض قيام الدليل عليها إثباتا ، من الناحية الفقهية.
وبعد أن صار الأصوليون في مقام تفسير ذلك ، وتبريره تبريرا يتفق مع الأصول الموضوعية ، فقد استعرضوا في حل هذا الإشكال الثبوتي ، عدة أجوبة تمثّلت في اتجاهين رئيسين :
١ ـ الإتجاه الأول :
هو أن القيد المفروض للواجب النفسي «كطلوع الفجر» مثلا ، لو كان قيدا من قيود الاتصاف ، أي : الدخيلة في اتصاف الفعل بكونه ذا مصلحة ، إذن لتمّ الإشكال في المقام ، لأنّ قيود الاتصاف ، لا يوجد الحكم ، ولا مبادئ الحكم قبلها ، فلا ملاك ، ولا إرادة ، ولا جعل ، ولا وجوب ، قبلها ، إذن كيف نشأ الوجوب الغيري في المقام؟. وحينئذ يسجّل الإشكال.
ولكن لو قيل : إنّ هذا القيد ليس من قيود الاتصاف الفعلي ، بل هو من قيود ترتب المصلحة خارجا ، حينئذ ، إذا كان من قيود الترتب بمعنى أن نسبته إلى المصلحة نسبة سدّ المنافذ إلى حصول الدفء ، لا نسبة الشتاء إلى الاحتياج إلى النار ، حينئذ ، في داخل هذا الإتجاه القائل بأن «طلوع الفجر» من قيود الترتب ، لا من قيود الاتصاف ، ينشأ موقفان :
أ ـ الموقف الأول : هو ، إنّ هذا القيد لمّا كان من قيود الترتب ، إذن فالحكم بتمام مراتبه يكون فعليا قبله ، ملاكا وإرادة وخطابا ، قبل «طلوع الفجر» حتى مرحلة الوجوب والخطاب التي هي المرحلة الثالثة ، تكون فعلية قبل الفجر ، وذلك ، إمّا بنحو الواجب المعلّق الذي تقدّم ، بحيث يكون