ولأجل أن نعرف كيف يكون هذا الفرق موجبا لإمكان ذاك واستحالة هذا ، لا بدّ وأن نتذكر ما قلناه في إمكان الشرط المتأخر.
وكنّا قد تصوّرنا هناك كيف تكون صلاة ليلة الأحد شرطا في وجوب صوم يوم السبت ، ثم دفعنا هناك إشكال أنّ الشرط ، وهو صلاة ليلة الأحد ، كيف أوجد قبله الاتصاف ، لأن شروط الوجوب هي علل الاتصاف ، إذن ، فكيف وجد الاتصاف من يوم السبت ناشئا من صلاة ليلة الأحد؟. وكنّا هناك قد أجبنا بفرضيّات تبرز إمكان الشرط المتأخر.
وكانت خلاصة الفرضية التي أجبنا بها هي : إن صلاة ليلة الأحد التي هي شرط للوجوب وقيّد للاتصاف تحدث الاتصاف والاحتياج حينها لا قبلها ، إذ في ليلة الأحد عند ما يتحقق الشرط المتأخر ، يحدث الاحتياج والاتصاف ، لكنّ الاحتياج إلى صوم نهار السبت الذي مضى ، إذن فالاتصاف والاحتياج لم يوجدا قبل الشرط ، بل وجدا مع الشرط ، لكنه احتياج إلى أمر قد فات وانقضى ، لا يمكن تداركه فعلا ، ومن أجل اطّلاع المولى على ذلك ، والتحفظ من هذه الناحية ، يجعل وجوبه من أول يوم السبت مشروطا بصلاة ليلة الأحد ، لأنه يعلم أن المكلّف سوف يحدث له احتياج ليلة الأحد إلى أمر ليس في يده في ذاك الوقت ، إذن فالمولى من أول الأمر يأمره به.
هكذا كانت فرضيّة تصوير الشرط المتأخر ، وحينئذ ، قد يتوهم في المقام ، بأن هذه الفرضية لا تجري في المقام ، وإنما تجري في خصوص هذا المثال ، لأنه في المقام لا يمكن أن نقول : إنّ «طلوع الفجر» كان سببا في الاحتياج في حين «طلوع الفجر» ، إذ لو كان كذلك ، لكان لنا أن نسأل : إنّه إلى ما ذا هذا الاحتياج؟. هل هو الاحتياج إلى فعل سابق على حينه؟. طبعا لا ، وإنما هو الاحتياج إلى فعل حينه ، وهو صوم نهار شهر رمضان ، وحينئذ يسأل : إنّه لما ذا يسرع المولى إلى جعل الوجوب من أول الأمر ، ويجعله مشروطا بالشرط المتأخر ، فمثلا في مثال صلاة ليلة الأحد ، كانت تحدث احتياجا حينها إلى صوم يوم السبت ، وصوم يوم السبت منقض ، فالمولى