آناته مع الغسل ، فكما أن صوم يوم السبت ليس تحت يد الإنسان في ليلة الأحد ، كذلك صوم النهار المقيّد بالغسل ، ليس تحت يد الإنسان الجنب عند طلوع الفجر ، إذ بطلوع الفجر ، وإن كان يمكن للمكلّف أن يصوم بلا غسل ، لكنّه لا يمكنه أن يصوم صوما مقيّدا بالغسل ، والمفروض أن الواجب هو الصوم المقيّد بالغسل ، إذن فالحالة هي عين الحالة ، وهي أنه حين طلوع الفجر ـ لا قبله ـ يحدث لديه احتياج إلى المقيّد الذي هو ليس تحت يده الآن ، لأنّ قيده قد فات وقته ، فلا بدّ للمولى أن يجعل الوجوب مبكّرا بنحو الشرط المتأخر.
فالفرضية إذن واحدة ، وروح المطلب واحد ، وعليه ، فالجواب الأول والثاني المتوقفان على تعقّل الشرط المتأخر فيهما ، صحيحان في أنفسهما ، فضلا عن معقولية الشرط المتأخر فيهما.
وبعبارة أخرى ، يقال : إنّ طلوع الفجر يحدث حاجة في وقته للصوم النهاري ، إلّا أن المكلف لا يمكنه تحصيل هذه الحصة المقارنة حين الاحتياج إلّا بإتيان بعض المقدمات ، وقيود الواجب من قبل ، كالصوم المقيّد بالطهور من أول آنات الفجر ، فيقدّم المولى إيجابه على المكلّف ، لكي يسعى في تحصيلها قبل ذلك ، وذلك بتحصيل مقدماتها ، ومعنى هذا ، إنّ روح تقديم الإيجاب وملاكه في المقام ، هي نفس الروح والملاك في سائر موارد الشرط المتأخر ، دون أن يرد إشكال تأثير الأمر المتأخر في المتقدم.
وإن شئت قلت : إنّه كان لنا افتراض آخر في موارد الشرط المتأخر ، وهو أن يكون الاتصاف والحاجة إلى الواجب الاستقبالي ، فعليا من أول الأمر. ولكن أنيط الوجوب بالشرط المتأخر من جهة أنّ إشباع تلك الحاجة ، من دون تحقق ذلك الشرط المتأخر ، فيه مفسدة ، هي أهم من مصلحة الإشباع ، وحينئذ أنيط الوجوب به بنحو الشرط المتأخر بهذا الاعتبار.
الجواب الثالث : وهو جواب يتم حتى عند من لا يتعقّل الواجب المعلّق