وكما لو تعذّر كل أفراده ، لا يزول هذا الشوق نهائيا ، فإنه كذلك ، لو تعذّر بعض أفراده ، فإنه لا يتحوّل هذا الشوق من شوق للجامع إلى شوق للفرد.
وأمّا إذا كان الشوق المتعلّق بالجامع شوقا غيريا ناشئا من توقف المحبوب النفسي على هذا الجامع ، وذلك كمن يشتاق في أن يأتيه أحد ولديه لا شوقا نفسيا ، بل لكي يأتيه بالدواء ، فالمحبوب النفسي هو الإتيان بالدواء ، وأمّا مجيء جامع أحد الولدين فهذا محبوب غيري ، باعتبار توقف تحصيل الدواء على مجيء أحد الولدين ، وإذا كان شوقا غيريا ، حينئذ ، إذا تعذّر أحد فردي الجامع ، فلا محالة ينقلب هذا الشوق ، وينحسر عن الجامع ، ويتعلق بالفرد ، ويصبح شوقا تعيينيا متعلّقا بالولد الذي يمكن أن يجيء ، وذلك ، لأنّ هذا الشوق نكتته المقدمية ، إذ عند ما كان يمكن استدعاء كلا الولدين كانت المقدمة هي الجامع ، ولكن عند ما تعذّر استدعاء أحد الولدين ، ولم يمكن استدعاء الولد الآخر ، حينئذ تصبح المقدمة هي خصوص الآخر ، لأنّ الشوق الغيري دائما يتعلق بما يتوقف على إيجاده وجود ذي المقدمة ، وبعد تعذّر أحد فردي المقدمة تنحصر المقدمة في الفرد الآخر لا محالة ، ويحصل الشوق نحو الفرد الآخر.
وبتعبير آخر يقال : إنه يصحّ هذا الإشكال فيما إذا كان الجامع متعلّقا بالإرادة والشوق النفسي ، وأمّا إذا كان تعلّق الإرادة والشوق بالجامع تعلقا غيريا من أجل تحقيق المحبوب النفسي الأصلي الذي هو حفظ الذات ، كما في مثال إحضار الدواء بجامع الولدين ، حينئذ هذا الشوق الغيري المتعلق بالجامع ، باعتباره توصليا ، فهو يتعلق بما هو فعلا يوصل الإنسان إلى مطلوبه النفسي.
وبهذا يفسّر التحول ، فالشوق الغيري دائما يتحول من التخييرية إلى التعيينية إذا تعذّر أحد فردي الجامع ، وأمّا الشوق النفسي المتعلق بالجامع فإنه لا يتحول من التخييرية إلى التعيينية.