إذن فالارتواء هو ملاك كلتا الإرادتين. الأولى والثانية وهذا الملاك يتوقف تحقّقه على الجامع أولا ، وعلى الفرد التعييني ثانيا ، وعليه فلا موجب لافتراض ملاكين ونكتتين.
وهذا الكلام سيّال في سائر موارد الإرادة المشروطة.
وكضابطة لهذا نقول : إن المطلوب النفسي واحد دائما ، وهذا المطلوب قبل أن يوجد قيد الاتصاف يتوقف على الجامع ، وبعد أن يوجد قيد الاتصاف يتوقف على أحد فردي الجامع ، ففي كل إرادة مشروطة إرادة مطلقة ، ووراء كل إرادة مطلقة ، يوجد شوق نفسي يترشح من كلتا الإرادتين ، إذن فالإرادة الثانية هي تطوّر وامتداد للإرادة الأولى.
وقد يشكل على هذا فيقال : إنه لو كانت الإرادة الثانية هي عين الإرادة الأولى وامتدادا لها ، إذن فلما ذا انقلبت هذه الإرادة من التخييرية إلى التعيينيّة ، إذ إنّ تعذّر أحد فردي المطلوب ، لا يوجب تبدّل المطلوب ، وإن انحصر عمليا بالفرد ، فلو كنّا قد سلّمنا بأن الثانية من تطورات الأولى ، فكيف نفسّر هذا الانقلاب؟.
وهذا بخلاف ما إذا فرضناهما إرادتين بملاكين ، فإنه لا بأس حينئذ بأن يبقى كل منهما واقفا على ملاكه ، وإن انحصر أحدهما عمليا في الثانية.
وجواب هذا الاستشكال الذي يكون كضابط كلّي يتوقف على أن نعرف أنه متى يتحول الشوق من الجامع إذا تعذّر أحد فرديه إلى الفرد الآخر ، ومتى لا يتحول؟
فنقول : إن الشوق المتعلق بالجامع إذا كان شوقا نفسيا أصليا ، تكون نكتته منحصرة في الجامع ، فيبقى على حاله ، وكون أحد فرديه متعذّرا ، لا يخرجه عن كونه محبوبا بالأصالة ، حتى لو تعذّر كل أفراده ، فلا موجب لأن ينقلب.