التنبيه الثاني :
من تنبيهات المقدمات المفوتة ، هو : إنّه بعد أن تبيّن وجوب المقدمات المفوتة ، يجري البحث في التعلم حيث أنه يكون أحيانا من المقدمات المفوتة فيشمله البحث ، لتحقيق حاله ، وتفصيل الكلام فيه يقع في صور :
١ ـ الصورة الأولى : هو أن يفرض أنّ المكلّف عالم بوجوب تكليف فعلي تام كبرى وصغرى ، وثابت عليه الآن ، من قبيل من يعلم بوجوب الحج عليه فعلا لأنه مستطيع ، لكنه لا يعرف شيئا من أحكام الحج ، أو يعلم بوجوب صلاة الظهر ، عليه ولا يعلم شيئا من أحكامها ، وفي هذه الصورة فروض ثلاثة :
أ ـ الفرض الأول : هو أن يكون أصل الإتيان بالواجب متوقفا على التعلّم ، حيث لا يتمكّن المكلف أن يأتي بأصل الواجب إلّا مع التعلّم ، كمن لا يعرف قراءة الفاتحة ولا السورة ، فلا يتصوّر في حقّه أن يأتي بصلاة مجتمعة إلّا مع التعلّم ، ففي مثل ذلك يكون التعلم مقدمة يتوقف عليها أصل وجود الواجب.
ب ـ الفرض الثاني : هو أن يفرض أن ذات الواجب قد يصدر منه بلا تعلّم ولو صدفة ، وذلك كما لو كان الواجب مرددا بين أمور متعددة ، كمن لا يعلم بأنه يجب عليه الإحرام من النقطة الفلانية ، أو من النقطة الفلانية الأخرى ، وهو قادر على أن يأتي بواحد من هذه الأمور ، وصدفة قد يطابق مع الواجب ، فيكون إحراز الواجب بالجمع بين أطراف الشبهة المحصورة ، أو العلم الإجمالي متوقفا على التعلّم ، وفي مثل ذلك ، يكون التعلّم مقدمة علمية لا وجودية ، فلا تتّصف بالوجوب الغيري ، ولكنها تكون منجزة لا محالة ، باعتبار أن الواجب الأصلي منجز ، وبمقتضى منجزيته يحكم العقل بوجوب تحصيل الموافقة القطعية له ، وتحصيل الموافقة القطعية له لا يكون إلّا بالتعلّم ، فيتنجز عليه التعلم تحصيلا للموافقة القطعية الواجبة بحكم العقل.