لها ـ والوجود اللحاظي هذا ، مقارن مع الجعل والحكم ، فإن لحاظ المولى لصلاة الليلة القادمة موجود حين جعل المولى ، فيكون مقارنا مع الحكم ، وما هو متأخر عن الحكم ، وهو الوجود الخارجي لصلاة الليلة القادمة ، ليس شرطا بحسب الحقيقة.
وقد اعترضت مدرسة المحقق النائيني (١) على إجابة صاحب الكفاية حيث قالت : إنّ هذا الكلام خلط بين الجعل والمجعول ، إذ إنّه يوجد في عالم إنشاء الحكم أمران : أحدهما الجعل ، وثانيهما المجعول. أمّا الجعل. فهو أمر لا يتوقف على وجود الشرط والموضوع خارجا ، وإنما يكفي في تحققه لحاظه من قبل المولى ، وتقديره من قبل الجاعل ، كأن يلحظ المولى موضوعا كليا ، ويقدّر وجوده ، ويفترض تحققه ، ثم ينشئ وجوبا عليه فيقول : من يصلي الليل من الليلة القادمة ، يجب عليه الصلاة في نهاره ، وهذا جعل يتحقق من المولى حتى لو لم يوجد هناك مصلّ أصلا في الخارج ، لأن هذا الجعل مرجعه إلى قضية شرطية وتقديرية ، يكفي في شرطه لحاظه وتقديره من قبل الجاعل دون أن يتوقف على وجود الشرط والموضوع خارجا.
إذن فهذه القضية الشرطية بما هي قضية شرطية حقيقية ، هي الجعل. وأمّا المجعول : وهو الحكم الفعلي ، فإنه عبارة عن فعلية جزاء هذه القضية بفعلية شرطها ، فهو متوقف على فعلية الشرط وتحققه خارجا ، إذ إنّ المولى بعد أن أنشأ تلك القضية الشرطية المعلقة بين الأرض والسماء ، وجد خارجا من يصلي صلاة الليل ، وبهذا أصبح الشرط في القضية الشرطية فعليا ، وعليه فلا محالة يصبح الجزاء ، وهو الحكم ، فعليا ، ويخرج من عالم التقدير إلى عالم التحقيق ، وتنشأ قضية تنجيزية بدلا عن القضية الشرطية ، مفادها ، أنّ فلانا يجب عليه الصلاة في النهار فعلا ، وهذه قضية تنجيزية وفعلية ، وهذا هو
__________________
(١) محاضرات فياض : ج ٢ ص ٣١١ ـ ٣١٢ فوائد الأصول : الكاظمي ج ١ ص ١٥٦ ـ ١٥٧.