في التعبدي والتوصلي ، وفي المطلق والمقيّد ، حيث قلنا : إنّه لا واسطة بين الإطلاق والتقييد ، لأن التقابل بين الإطلاق الذاتي والتقييد ، هو تقابل السّلب والإيجاب ، فإذا استحال أحدهما تعيّن الآخر ، إذن فلا بدّ إمّا من الإطلاق ، وإمّا من التقييد ، ويستحيل الإهمال.
وإنما يتعقّل هذا المدّعى ، عند من يتصوّر واسطة بين الإطلاق والتقييد اسمها الإهمال ، حيث يكون التقابل بينهما تقابل التضاد بنحو يمكن انتفاء كلا الضدين ، ويثبت ثالثهما وهو الإهمال.
وتفصيل دفع الإشكال الذي تبرهن به على استحالة التقييد ، ومن ثمّ استحالة الإطلاق ، وثبوت الإهمال ، هو أن يقال :
بأن التقييد ليس من نتائج ذات القيد وذات الفعل ، لأنه يمكن أن يوجد القيد وهو «القيام» ويوجد الفعل وهو الصدقة ، ومع هذا لا يوجد التقيّد ، وذلك بأن يكون الفعل موجودا قبل القيد ، كما لو وجدت «الصدقة» قبل «القيام» وذلك كما لو كان الأمر متعلقا بجامع «الصدقة» من دون أن يؤخذ فيه التقيّد «بالقيام» ، حينئذ يكون المطلوب بالأمر هو الجامع بين «الصدقة» البعديّة «والصدقة» القبليّة ، وحينئذ يتعيّن الإطلاق مع عدم التقييد ، وإذا كان الجامع هو المطلوب ، فلو فرض أن المكلّف صدفة أتى «بالصدقة» ، في ضمن فرد سابق على «القيام» ، إذن يمكنه أن يكتفي به ، لأنّ الجامع قد وجد في الخارج ، إذن الملزم للعبد بالإتيان بالحصة القبلية للجامع ، إنما هو الأمر بالتقيّد ، وإلّا فلو لا الأمر الضمني بالتقيّد لكان الأمر واقفا على الجامع ، وتعيّن الإطلاق بنحو يكون قابلا للانطباق على «الصدقة» قبل القيد أيضا ، ولا يبقى ملزم من ناحية شخص هذا الأمر ، بإتيان الجامع في ضمن حصة أخرى حينئذ ، إذن فتقييد الواجب الذي مرجعه إلى الأمر بالتقيّد ليس لغوا ، بل له مدلول عملي في مقام الامتثال ، وعليه ، فيكون التقييد معقولا ، لأن الإطلاق غير صحيح فيتعيّن التقييد.
وبهذا يتضح أن التقريب الثالث تام في نفسه وهو : إنّ إطلاق الهيئة لا